مجلة حكمة
اللغة الثانية المشاعر

قراءة المشاعر واللغة الثانية – ترجمة: رويشد الرويلي


عندما نقرأ عن شخص سعيد أو يبتسم في رواية أوقصة ما، فأننا لا شعوريا نبتسم أيضا. لكن ماذا لو أن النص مكتوب بلغة ثانية غير اللغة الأم! فان العقل والجسد يستجيب بطريقة أكثر برودة. يعتمد هذا التاثير على البيئات المختلفة التي نتعلم بها اللغة الأم و اللغة الثانية


كما في رواية (قصة بلا نهاية)، يشعر باستيان (بطل القصة) بانه متعمق بالرواية إلى الحد الذي يجعله  يشعر بما يشعر به أبطال الرواية كما في نهاية القصة. ما حدث لباستيان بطل رواية مايكل اندي هو ما يحدث بالضبط لكثير منا عند قراءة رواية أو قصة قصيرة. نحن (نحس) حرفيا بنفس المشاعر والعلميات الفسيولوجية التي يحسها أبطال الرواية كما هو وارد بالنص. قدم فرانسيسكو فوروني –الباحث في المركز الدولي للدرسات المتقدمة بمدينة تريستي في ايطاليا-  دليلا لهذه الظاهرة في دراسة نشرت سنة 2009 في مجلة (العلوم النفسية). بالمقابل في دراسة حديثة نشرت في المجلة العلمية (الدماغ والمعرفة)، أظهر فوروني ما يحدث عندما نقرأ بلغة ثانية تم تلعمها بعد مرحلة الطفولة.

تفسير هذه الظواهر كما يقول فوروني يمكن شرحه  من خلال نظرية “التجسيد”: فنحن عندما نتعامل مع المعلومات العاطفية (بالرواية)، فإن أجسادنا تقلد تلك المشاعر الخاصة  من خلال عمل تلك التعابير الفسيولوجية التي غالبا ما تكون مرتبطة بتلك المشاعر. هذا يعني –كما يشرح فوروني- انه عندما نقرأ عن رجل سعيد،فاننا نفرح. بينما لو كان البطل غاضبا، يظهر علينا عبوس في الوجه (في أغلب الحالات هذه التعابير تكون دقيقة الى حد بعيد، وليس بالضرورة أن نكون مدركين لها).

عندما نقرأ بلغتنا الام ، فان هذه الظاهرة تكون شديدة الوضوح، لكن بحسب الدراسة الجديدة، فانه عندما نقرأ بلغة ثانية متعلمة بعد اللغة الأم ، فان هذه الاستجابات الفسيولوجية لا تختفي تماما ، بل تقل بشكل ملحوظ.

استطاع  فوروني  قياس تعابير وجه ستة وعشرين مشاركاا يقرأون نصا بالانجليزية باستخدام جهاز التخطيط الكهربائي الذي يسجل النشاط العضلي للوجه. المشاركون كانوا ألمان، تعلموا الانجليزية بعد عمر 12 سنة. بخلاف ما كان ملاحظا في اللغة الأم ، تعابير الوجه المسجلة كانت أكثر برودة كردة فعل للمحتوى العاطفي بـ اللغة الثانية.

النتائج بالتوافق مع نظريات “التجسيد”، فهذه النظرية بالحقيقة تنص على  أننا نتعلم الكلمات العاطفية بالمقام الأول من خلال سياق عاطفي، فمثلا الأم تبتسم وهي تطلب منك أن تبتسم لها، بينما في اللغة الثانية فنحن نتعلم في بيئة أقل عاطفية وباساليب رسمية كما يحدث في المدرسة . هذه الطريقة من الربط بين الكلمات التي تمثل الشعور والسياق الذي يحدث فيه تكون اقل ارتباطا،”لذا لاحظت استجابات أكثرفتورا” بحسب فوروني .

النتيجة تبرز الكثير من الاثار المترتبة عليها، فمثلا كما يقول فوروني ” فكر بالمواقف التي يتطلب من الفرد اتخاذ القرار فيها”. فالدراسات السابقة تخبرنا بانه عندما نتأثر بمشاعرنا، نميل الى ان نكون أقل عقلانية ونتخذ قرارات ليست مبنية على تقييم دقيق للمشكلة. ايضا من الممكن أن يجد الأنسان نفسه بموقف يستدعي استخدام اللغة الثانية، وهذا قد يؤثر على نوعية القرارات التي يتخذها ، وذلك بتقليص التاثير السلبي المحتمل للمشاعر.

المصدر