مجلة حكمة

العلم والفن – توماس هكسلي / ترجمة: رزان أباالخيل

توماس هنري هَكسلي -كاتب مقالات وعالم أحياء إنجليزي- ألقى الكلمة التالية في المأدبة السنوية للأكاديمية الملكية في لندن بتاريخ 5/5/1883م.


 

سيدي فريدريك ليتون، أصحاب السمو الملكي، السادة والرجال الأفاضل:-

اسمحوا لي أن أشكركم على تقديركم ولطفكم الشديد في استقبالكم نُخب العلم. وأن امتناني قد ازداد لسماعي النخب المقترحة في مجلس من هذا النوع، لأنني لاحظت في السنوات الأخيرة تغيرًا كبيرًا ومتزايدًا في توجّه من قد قالوا مازحين أنك ستنظر إلى العلم باعتباره قوة عدوانية وغازية إن كنت مولوداً في عصر ما قبل العلم، والذي- لو هُيئ له طريقه الخاص- فإنه سيُقصي من الكون كل المساعي الأخرى. أعتقد أن هناك العديد من الأشخاص ممن ينظرون إلى هذا الميلاد الجديد في زمننا كوحشٍ يتصاعد من بحر الفكر الحديث بهدف التهام أندروميدا الفن. ويرى بيريسوس، من وقتٍ لآخر، بأنه مستعد لمحاولة القضاء على تنين العلم، مستعينًا بسُرعة ورشاقة الكاتب المُتأهب، وخوذة التخفي للمقال الافتتاحي، ومن الممكن أيضًا مع رأس ميدوسا المذموم. سيدي، آمل من بيرسيوس أن يغير رأيه (ضحك). أولاً، لمصلحته الشخصية، لأن تنين العلم صعب المراس، وقوي الفَكّ. ولفترة من الزمن الماضي قد أظهر قدرة هائلة في تخطِّي كل ما يُعيقه؛ ثانياً، من العدل أن أؤكد لكم، من معرفتي الشخصية، إن تُرِك بحال سبيله فإن ذلك المخلوق -تنين العلم- سيكون وحشًا لطيفًا ووديعًا. (ضحك). أما بالنسبة لأندروميدا الفن، فهو يقدِّر تلك السيدة جداً، ولا يرغب بشيء أكثر من أن يراها سعيدة وأن تلِد مجموعة كبيرة من الأطفال الجذابين. (هتاف).

لكن لنضع الأمثال جانباً، أنا لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن لأي شخص لديه معرفة بالبشر أن يتصور أن نمو العلم قد يهدد تطور الفن في أي شكل من أشكاله. على حد علمي، أن العلم والفن هما وجهان متعاكسان لوسام الطبيعة، الذي يُعبِّر عن النظام الأبدي للأشياء بلغة المشاعر والفِكر. حين يفقد الناس الحب والكره؛ وحين لا تدفع المعاناة إلى الرحمة، وحكاية الأفعال العظيمة لم تعد مثيرة، وحين لا تبدو زنبق الحقل في جمال ترتيبها أكثر من سُليمَان في عز مجده، وتلاشي الرهبة من الوادي العميق والقمة المغطاة بالجليد. بذلك قد يملك العلم كل شيء لنفسه فعلاً. لكن هذا لن يحدث، ليس لأن الوحش قد التهم الفن، ولكن لأن جانبًا من جوانب الطبيعة البشرية ميِّت، ولأن الناس قد فقدوا نصف خواصهم العتيقة والحديثة. (هتاف).