مجلة حكمة
الجنس والحالة الاجتماعية والشعور - أرلي رسل هوشليد

الجنس والحالة الاجتماعية والشعور – أرلي رسل هوشليد / ترجمة: سارة الفالح

أرلي رلس هوشليد، كاتبة مقالة لجنس والحالة الاجتماعية
أرلي رلس هوشليد، كاتبة مقالة الجنس والحالة الاجتماعية

             عاطفي. ٢: خاضع للمشاعر أو يتأثر بها بسهولة.

  • هي امرأة عاطفية، تنزعج بسهولة من أي تشويش.

امعان الفكر     :١: التأمل أو التفكر.

  • بعد ساعات من التفكير، هو جاء باقتراح جديد.

٢: كلية التفكير.

  • هي لم تكن طالبة جادة ويبدو انها تفتقر لقوة التفكر

معجم راندوم هاوس للغة الانجليزية

من المعروف أن إدارة العواطف شائعة في العوائل والوظائف الخاصة بالطبقة العليا أكثر من الطبقات الدنيا. والسبب أن الظروف الاجتماعية في نظام الطبقية تتعاون لتجعله شائع في المقام الأول. من ناحية آخرى، العكس صحيح في نظام الجنس ، الظروف الاجتماعية تجعله شائع بطرق مختلفة لأولئك الذين في الاسفل – النساء-. على أي اساس؟ ولماذا؟

        الرجال والنساء جميعهم يقومون بعمل عاطفي سواء في حياتهم الخاصة او في العمل. في كل الحالات، الرجال بالإضافه الى النساء يخوضون في التفاصيل الروحية كمحاولة الهرب من قبضة الحب الميؤوس منه ومحاولة سحب أنفسهم من الاكتئاب ومحاولة السماح للحزن، لكن في مجال التجارب العاطفية ككل، هل تأثير العواطف مهم للرجال كما هو مهم للنساء؟ وهل هو مهم بنفس الدرجة؟ اعتقد أن الجواب لكلا السؤالين هو لا.

والسبب في الحقيقة، أن النساء بشكل عام يمتلكن الاستقلالية والقوة والسلطة بدرجة أقل من الرجال، أما وضعهن في المجتمع فهن الطبقة الاجتماعية التابعة، ولهذا أربعة عواقب.

        أولا: افتقار الموارد الأخرى، والذي يجعل النساء يقدمن المشاعر كهدية للرجال مقابل الموارد المالية التي يفتقرن لها (على سبيل المثال، في عام ١٩٨٠، سته بالمئه من النساء مقابل خمسين بالمئه من الرجال مدخولهم خمسة عشر ألف دولار في السنة). وبالتالي قدرتهن على إدارة الشعور واقامة “العلاقات” في العمل هي بالنسبة لهم المورد الاكثر اهمية.

        ثانيا: العمل العاطفي بالنسبة للرجال مهم لكن بطريقة مختلفة. والسبب أن كلا الجنسين يميل الى القيام بعمل من نوع مختلف عن الآخر. عموما، تميل النساء لدور المضيفه في العلاقة العاطفية بينما الرجال يميلون لدور محصل الفواتير. هذا التخصيص في العلاقة العاطفية في سوق العمل يعود لطريقة التربية في مرحلة الطفولة للفتيات والأولاد. (مما صنعن الفتيات؟ من السكر والطيب وكل شيء لطيف. مما صنع الاولاد؟ من القَصّاصات والقواقع وذيل الجرو). بالإضافه الى ان كل تخصص يربط الرجال والنساء مع مهام عاطفية مختلفة. فالنساء يقدمن كمسيطرات على الغضب والعدوان ” كونها لطيفة”. بالنسبة للرجال، فالمهمة محددة من المجتمع وهي العدوان ضد أولئك الذين يخرقون القوانين بأنواعه المختلفة، فيخلق مهمه خاصه في السيطرة على الخوف والضعف.

        ثالثا: وهو الاقل ملاحظه، التبعية العامة للنساء تترك كل امرأة في حالة دفاعية ضد التجاوزات العاطفية من الآخرين تجاهها، على سبيل المثال: المضيفات في الطائره يجدون أنفسهم عرضه للتحرش اللفظي من قبل الركاب لذلك غالبا يجد المضيفين انهم يدعون للتعامل مع عدوان لا مبرر له من تعدي الركاب على المضيفات.

العاقبة الرابعة لقوة الاختلاف بين الجنسين هي انه لكل جنس جزء مختلف من تأثير العواطف على العمل. غالبا تكون ردة فعل النساء للتبعية استخدام جمالهن ومهارات العلاقات استخدام دفاعي. فبالنسبة لهن هذه القدرات هي الاكثر عرضه للاستغلال ولذلك يفضلن الابتعاد عنها. بالنسبة للرجال العاملين ” في الوظائف الخاصة بالرجال” فغالبا قدرة ممارسة الغضب والتهديد التي يتم تسليمها للشركة هي الطاقة التي يفضلون الابتعاد عنها.

        بعد هذا التحول الكبير، نجد أن الرجال والنساء يخوضون تجربة العمل العاطفي بطرق مختلفة. في الفصل السابق تم التركيز على الطبقة الاجتماعية التي يكون فيها العمل العاطفي بارز- الطبقة الوسطى. هنا سنركز على الجنس الذي له الأهميه الاعظم – النساء.

النساء كمديرات للمشاعر

كما اشارت له التقاليد فإن المرأة الامريكية من الطبقة الوسطى عاطفية أكثر من الرجل. يعكس تعريف العاطفة والتفكر في معجم راندوم هاوس للغة الانجليزية أفكار ثقافية عميقة الجذور. مع ذلك، يُعتقد أن النساء لديهن القدرة على أن يسيطرن “بالحيل الأنثوية ” كتعمد البكاء والتحسر. فبشكل عام، يُعتقد أنهن يتحكمن بالتعابير والمشاعر بشكل ليس أفضل من الرجال ولكن في الغالب أكثر من الرجال. كم نسبة اختلاف المشاعر الواعية للنساء عن الرجال؟ إنها مسألة سأجعلها جانبا هنا*[i]. على أن الادلة تظهر بشكل واضح أن النساء لديهن ادارة للعواطف أكثر من الرجال.

ولأن الشعور الجيد يشابهه الشعور العفوي الخارجي، فمن المحتمل الخلط بين الحالة التي تتأثر فيها بالعواطف بسهولة مع الحدث الذي تتعمد فيه ادارة العواطف عندما تستدعي المناسبة ذلك.

        في الطبقة الامريكية الوسطى خصوصا، تميل النساء لإدارة الشعور أكثر لأنهن يعتمدن بشكل عام على الرجال للحصول على المال، فأحد الطرق المختلفة لسداد ديونهن هو عمل عاطفي اضافي (خصوصا العمل العاطفي الذي يؤكد ويعزز ويحسن رفاهية وحالة الآخرين). عندما يتعلم الاطفال المهارات العاطفية ويمارسونها في المنزل وتنتقل معهم للعالم الخارجي عندها يكون العمل العاطفي عند المرأة بارز أكثر لأن الرجال لم يتم تدريبهم على جعل المشاعر مصدر، لذلك هم أقل عرضه لتطوير قدراتهم في إدارة المشاعر.

        كما أن هناك اختلاف بين نوع العمل العاطفي الذي يميل اليه الرجال عن العمل العاطفي الذي تميل اليه النساء. اثبتت العديد من الدراسات أن النساء يتكيفون أكثر مع احتياجات الآخرين ويعاونون أكثر من الرجال١. هذه الدراسات تفترض وجود خصائص جنسانية محددة لا مفر منها إذا لم تكن فطرية٢. لكن هل هذه الخصائص موجودة ببساطة في النساء بشكل سلبي؟ أو هل هي اشارات للعمل الاجتماعي الذي تقوم به النساء؟ العمل الذي تقرم فيه بتعزيز وتحسين من حالة الاخرين؟ أعتقد ان معظم الوقت تكون المرأة المتكيفة والمتعاونة تعمل بنشاط لإظهار هذه الاختلافات. هذا الاختلاف يتطلب منها ان تقوم بعرض خارجي وهو ما دعا له ليزلي فيدلر الفتاة “الجادة” الجيدة لدعم هذا المجهود عن طريق استحضار المشاعر التي تجعل العرض اللطيف يبدو طبيعيا[ii]. النساء الاتي يريدن وضع مشاعرهن جانبا عند خدمة الآخرين يجب عليهن مواجهة فكرة اعتبارهن أقل انوثة.

        ماذا يتطلب ان تكون أكثر قدرة على التكيف؟ قد تم اقتراحه في دراسة أجراها ويليام كيفارت على طلاب الجامعة (١٩٦٧). تم سؤال الطلاب والطالبات السؤال التالي، “إذا كان لدى أي رجل\امرأة كل الصفات التي تريدها، فهل تتزوج\ين من هذا الشخص حتى ان لم تكن تحبه؟” فجاء في الردود، ٦٤ بالمئة من الرجال مقابل ٢٤ بالمئه فقط من النساء اجابوا ب (لا). في حين معظم النساء اجابوا ب (لا أعلم). احداهن فأجابت ب “لا أعلم، لو كان جيدا جدا، ربما أُحضر نفسي لأحبه” [iii]. في دراستي (١٩٧٥)، قامت النساء بوصف أنفسهن أكثر من الرجال مثل “سأحاول أن اجعل نفسي تحبه” و “سأحدث نفسي بأن لا تهتم” و”سأحاول اقناع نفسي”. أظهر تحليل محتوى ل ٢٦٠ بروتكول أن عدد النساء اللاتي استخدمن تلقائيا لغة العمل العاطفي لوصف مشاعرهن أكثر من الرجال (٣٣ في المئة مقابل ١٨ في المئة). التصور عن المرأة انها “عاطفية أكثر” وعرضه للمشاعر الغير متحكم بها، قد تم تحديه ايضا من خلال دراسة تم اجراؤها في جامعة كاليفورنيا على ٢٥٠ طالب وطالبة، حيث قال ٢٠ بالمئة من الرجال مقابل ٤٥ بالمئة من النساء أنهم يتعمدون اظهار العاطفة للوصول الى فرصهم[iv]. في حال أن امرأة واحدة قالت “أقوم بالعبوس، والتجهم، وأقول اشياء لجعل الشخص الآخر يشعر بالسوء مثل “أنت لا تحبني، أنت لا تهتم بما يحدث لي” فأنا لست من النوع الذي يقول ما يريد بصراحة، فأنا عادة ما ألمح حوله، فالأمر كله يتعلق بالأمل والضرب حول الموضوع”٣.

        إن الفنون العاطفية التي صقلتها النساء، تشبه فن التظاهر الذي لاحظه ليونيل تريلينغ من بين أولئك الذين تتفوق رغباتهم على فرصهم في التقدم الطبقي.

أما بالنسبة للكثيرين من ذوي المكانة الاقل فقد كان من مصلحة المرأة انها الممثل الأفضل[v]. وكما يقول علماء النفس، أن تقنيات التمثيل العميق لها مكاسب ثانوية غير عادية. مع ذلك، فإن هذه المهارات لطالما تم وصفها بأنها “طبيعية” وجزء من “كونها” المرأة بدلا من أنها شيء من صنعها اساسا.

        إن حساسية الاتصال غير اللفظي والأهميه السياسية الدقيقة للشعور تعطي المرأة شيئا مثل اللغة العرقية، والتي يمكن للرجل التحدث بها ايضا، لكن بمستوى اقل. انها اللغة التي يتشاركونها النساء خلف الكواليس في حديثهم عن المشاعر. هذا الكلام لا ينطبق على الرجال خلف الكواليس، فهم يتبعون اسلوب حفظ النقاط من الفاتحين. الحديث عن الفريسة الداهية ولغة النصائح حول كيفية جعله يريدها وكيف تتصرف معه وكيفية تشغيله او ايقافه. في إطار الثقافة الأنثوية التقليدية، تُفهم التبعية في الاماكن القريبة، خاصة مرحلة المراهقة، كا (حقيقة حياة). تتوافق النساء، إذن، لكن ليس بشكل سلبي إنهم يتأقلمون مع شعور الحاجة أو الغرض في متناول اليد، وعندما يفعلون ذلك يبدو كحالة توافق سلبية وفرصة لحدوث الاحتياجات المزامنة. فالوجود سبب الانجاز. والتمثيل هو الفن المطلوب، والعمل العاطفي هو الاداة.

        إن العمل العاطفي في تعزيز مكانة وحالة الاخرين هو شكل من اشكال ما أطلق عليه إيفان ايليتش “عمل الظل” وهو الجهد الغير مرئي ولا يعتبر عملا، مثل العمل المنزلي، لكنه مع ذلك حاسم لإنجاز كل الاشياء. كما هو الحال مع القيام بالأعمال المنزلية بشكل جيد، فإن الخدعة هي محو أي دليل على الجهد، لتقديم البيت النظيف فقط مع ابتسامة الترحيب.

          لدينا كلمة بسيطة نطلقها على منتج عمل الظل: “لطيف”، اللطافة هي مادة تزييت ضروريه ومهمه لأي تبادل مدني، والرجال يجعلون أنفسهم لطيفين ايضا.

وهذا يحافظ على دوران العجلات الاجتماعية. كما قال احدى مضيفات الطيران ” سأدلي ببعض التعليقات من هذا النوع مثل “لديك سترة رائعة”، مما يجعلهم يشعرون بالرضا، وسأضحك على نكتهم، وهذا يجعلهم يشعرون بالراحة والاسترخاء”. هناك ما هو أبعد من المجاملات الصغيرة كتقديم معروف او القيام بخدمة. اخيرا، هناك الاحساس المعنوي أو الروحاني لكوننا لطيفين جدا، حيث نهتم لحاجات اي شخص آخر أكثر من حاجاتنا.

        كل طريقة تعامل “لطيفة” تضيف بعدًا للمراعاة. فالمراعاة أكثر من كونها تقديم احترام بارد أو الانحاء الرسمي كخضوع أو ابتسامة الادب الباردة؛ فممكن أن تكون الوجه الدافئ أو تقديم الإيماءات الصغيرة والكبيرة التي تظهر الدعم للآخرين٤.

        يقوم الجميع بتأدية العمل العاطفي الذي ينتج عنما قد نطلق عليه، على نطاق واسع، المراعاة. لكن متوقع من النساء أن يقمن به بشكل أكبر. دراسة مقارنة قام بها ويكلر (١٩٧٦) بين أساتذة الجامعة ذكور وإناث، وجد فيها أن الطلاب والطالبات يتوقعون أن الاساتذة الإناث أكثر دفئا وأكثر دعما من الاساتذة الذكور. في ضوء هذه التوقعات، لوحظ أن نسبة الاستاذات الباردات أكبر. في دراسة في آخرى لبروفرمان وكلاركسن (١٩٧٠)، طلب فيها من علماء واطباء نفسيين وعاملين اجتماعيين أن يطابقوا صفات مختلفة مع “الرجال البالغين الطبيعيين” أو “النساء البالغات الطبيعيات”؛ فقاموا بربط الصفات التالية “لبق جدا” و”معتدل جدا” و”واعي جدا للمشاعر الآخرين” بالمرأة البالغة الطبيعية. تكون المرأة خلف الكواليس في المسرح العام لكونها متكيفة ومتعاونة، ونتيجة لذلك غالبا ما ينظر لها أنها أقل جاذبية في الجدال ومشاركة النكت والتعليم مما هي عليه في التعبير عن تقديرها لهذه الانشطة[vi].

فالمرأة هي المعزز الحواري، وهي التي تعزز بنشاط للآخرين – في الغالب للرجل، ولكن ايضا للنساء الاخريات لمن تلعب دور المرأة. كلما بدت طبيعية في ذلك كلما لم يظهر جهدها كعمل، وكلما نجحت في اخفاء ذلك، كما لو أنه لا يوجد صفات أكثر قيمة. كامرأة، قد يتم الاشادة بها لأنها تعمل على تنمية أفضل “معزز”، ولكن كشخص مع الكوميديين والمعلمين وبناة الجدل فإنها عادة تعيش خارج بيئة التعزيز التي يميل الرجال الى العيش بها. الرجال، بالطبع، يتوددون للرجال والنساء، وبالتالي يقومون بالعمل العاطفي ايضا الذي يحافظ على الاحترام الصادق. الفرق بين الرجال والنساء هو اختلاف في التأثيرات النفسية لوجود السلطة من عدمها٥.

        تشترك العنصرية والتمييز الجنسي في هذا النمط العام، لكن يختلف النظامان في الوسائل المتاحة لترجمة عدم المساواة الاقتصادية الى تعابير خاصة. يترك المدير الابيض وعامل المصنع العمل ويعودان الى المنزل، أحدهما الى حي ابيض وعائله والآخر الى حي وعائلة سود بشكل عام. ولكن في حالة النساء والرجال، يتم تصفية التفاوت الاقتصادي الأكبر في التبادل اليومي الودي بين الزوجة والزوج. على عكس المرؤوسين الاخرين، تسعى النساء الى اقامة روابط اساسية مع المورد. في الزواج، ينطبق مبدأ المعاملة بالمثل على الساحات الاوسع للشخص: هناك الكثير للاختيار من بين كيفية دفعنا، وكيفية دفع ثمنا، والدفع بين الاطراف غير المتكافئة اقتصاديا يستمر في الصباح والظهيرة والليل. عدم المساواة الواسعة تكشف عن التعابير الودية.

        اينما تذهب، تسير صفقة الاجور بشكل مخفي مقابل اشياء اخرى. الزواج يبني الجسور ويحجب الفجوة بين الموارد المتاحة للرجال وتلك المتاحة للنساء٦. لأن الرجال والنساء يحاولون أن يحبوا بعضهم البعض، ويتعاونون في صنع هذا الحب وإنجاب الاطفال وبناء حياتهم معا فالتقارب الشديد الذي يقبلونه في العلاقة يدعو الى اخفاء بعض التبعية. سيكون الحديث باستخدام اسلوب “نحن”، وحسابات مصرفية مشتركة وقرارات مشتركة، والفكرة فيما بين النساء انهم متساويات في الطرق التي “يعتد بها”.

لكن يتبع هذا النمط جهود مستقبلية مختلفة خارج هذا الزواج وتأثير ذلك على نموذج الحياة[vii]. وبالتالي قد تصبح المرأة حازمة حول بعض القرارات الثانوية او في مجالات محددة معينة، في سبيل تجربة شعور المساواة المفقودة من العلاقة الكلية.

        النساء اللواتي يفهمن عوائقهن في نهاية المطاف ويشعرن بأن موقفهن لا يمكن أن يتغير قد يحترمن بسخاء مواردهن العاطفية التقليدية، في خوف مفهوم من أنه إذا أخبر السر، فإن وضعهن سيزداد سوء فورا. من أجل الاعتراف بأن سحرهن الاجتماعي هو نتاج هذا العمل السري الذي قد يجعلهم أقل قيمة، مثلما جُعلت الثورة الجنسية الاتصال الجنسي أقل “قيمة” عن طريق خفض قدرتها التفاوضية بدون تشجيع دور المرأة للحصول على وظائف ذات رواتب أفضل. في الواقع عندما نعيد تعريف “القدرة على التكيف” و”التعاون” كشكل من اشكال “عمل الظل”، فأننا نشير الى تكلفة خفية تستحق بعض التعويضات عنها، مما يوحي الى أن إعادة الترتيب العامة للعلاقات بين الإناث والذكور أمر مرغوب فيه.

        هناك سبب اضافي واحد يجعل النساء يقدمن العمل العاطفي من هذا النوع بشكل أفضل من الرجال: فعدد كبير من النساء على جميع المستويات يقومون بعمل غير مدفوع الأجر من نوع شخصي للغاية. مثل الاعتناء وتربية الاطفال. ولأنهن أكثر “تكيف” و”تعاونية” فهم يتعاملون بشكل أفضل مع احتياجات أولئك الذين لم يتمكنوا بعد من التكيف والتعاون بشكل كبير. إذن، وفقا لجوراد (١٩٦٨) لأنه ينظر لهن أنهن من فئة الامهات، فيطلب من النساء بشكل عام البحث عن الاحتياجات النفسية للأخرين أكثر من الرجال. يتمحور العالم حول النساء فيما يتعلق بالأمومة، وترتبط هذه الحقيقية بصمت بالعديد من التوصيفات الوظيفية.

 

 

النساء في العمل

 

مع نمو المنظمات الكبيرة التي تطالب بمهارات متعلقة بالعلاقات الشخصية، فإن تعزيز مكانة المرأة والعمل العاطفي ومتطلباته قد أصبح أكثر علانية ومنهجية وتوحيدا. ويقوم بتأديتها الى حد كبير نساء من الطبقة المتوسطة في وظائف الاتصال العام. كما ذكر في الفصل السابع (المرفق ج)، أن الوظائف التي تتضمن عملا عاطفيا تشكل أكثر من ثلث الوظائف. لكنهم في المقابل يشكلون فقط ربع كل الوظائف التي يقوم بها الرجال، وأكثر من نصف اجمالي الوظائف التي تقوم بها النساء.

        الكثير من الوظائف التي تدعوا الى الاتصال العام تدعوا ايضا الى تقديم خدمة للمجتمع. يعلق ريتشارد سنيت وجونثن كوب، في “الاضرار المخفية للطبقية”، الى كيفية ميل الافراد الى تصنيف وظائف الخدمات عندما يتعلق الآمر بالوظائف الاخرى: “في نهاية الجزء السفلي من السلم الوظيفي، لم يتم العثور على وظائف في المصانع ولا وظائف الخدمات حيث يجب على الفرد ان ينفذ لشخص آخر، يتم سرد نادل أسفل عامل المنجم، وسائق سيارة الاجرة أسفل سائق الشاحنة، فنحن نعتقد ان هذا يحدث بسبب الشعور بأن الوظائف تعتمد على الاخرون أو بالأحرى على رحمة الاخرين [تأكيدي]٧. ولأن عدد النساء الاتي يعملن في وظائف الخدمات يفوق عدد الرجال (٢١ في المائة مقارنة بنسبة ٩ في المائة) هناك “اضرار خفية” للجنس متعلقة بالطبقة.

         وبمجرد ان تعمل النساء في وظائف الاتصال العامة سيتم اكتشاف نمط جديد: يحصلن على قواعد أقل اهمية، اي انه بالرغم من ان بعض النساء يتم ارشادهن عند الابواب ويمتلكن سائق للسيارة ومحميين من المرور على برك المطر، الا انهن لا يتمتعن بالحماية من احدى النتائج الاساسية لوضعهن المتدني: يتم منح مشاعرهن وزن اقل من مشاعر الرجل.

        ونتيجة لهذا التأثير، فان عمل الضيافة في الطيران هو نوع من الاعمال المناسبة للمرأة والرجل. بالنسبة للرجل فإن مهمته الاساسية المخفية هي الحفاظ على هويته كرجل في “مهنة المرأة” وفي بعض الاحيان التعامل مع الركاب الصارمين تجاه “المضيفات”.

بالنسبة للمرأة، فمهمتها الاساسية المخفية هي التعامل مع تأثير الوضع: غياب الدرع الاجتماعي ضد غضب واحباط الركاب.

        كيف، اذن، أن يؤثر وضع المرأة المتدني في تعامل الاخرين معها؟ أكثر اساسا، ما هو الرابط السابق بين الحالة وعلاج الشعور؟ يميل الاشخاص ذوي المكانة العالية الى التمتع بامتياز ملاحظة مشاعرهم واعتبارها مهمه. اما في حالة الاشخاص الاقل مكانة، فمشاعرهم لا تلاحظ او تعامل باعتبارها غير مهمة. يفيد اتش-دي دالي عن وجود “عقيدة المشاعر” في الخدمة المدنية العليا في بريطانيا العظمى.

لقد تم شرح مبدأ عقيدة المشاعر لي منذ سنوات عديدة من قبل موظف حكومي بارز جدا … واوضح ان اهمية المشاعر تختلف في المراسلات الوثيقة على حسب اهمية الشخص. إذا اقتضت المصلحة العامة إزالة كاتب صغير من منصبه؛ فلا داعي لأي اعتبار لمشاعره، اما إذا كان الامر متعلق بسكرتير مساعد، فيجب التفكير فيه بعناية، لكن في حدود المعقول؛ اما إذا كان السكرتير الدائم، فإن مراعاة المشاعر عنصر اساسي في هذه الحالة، ويمكن فقط للمصلحة العامة الحتمية ان تتجاوز متطلباتهم٨.

المرأة العاملة للرجل العامل مثل الكاتب الصغير للسكرتير الدائم. بين المدير والسكرتير والطبيب والممرضة والطبيب النفسي والعامل الاجتماعي وطبيب الاسنان ومساعدة الاسنان، ينعكس فرق القوة على أنه فرق بين الجنسين. إذن، “عقيدة المشاعر” هي معيار مزدوج اخر بين الجنسين[viii].

        قد يتم اهمال مشاعر الطبقة الادنى بطريقتين: من خلال اعتبارهم عقلانيين ولكن غير مهمين او اعتبارهم غير عقلانيين وبالتالي تجاهلهم وعزلهم. في مقال بعنوان “العدوان في السياسة: هل يتم الحكم على النساء بمعيار مزدوج؟” وتم عرض نتائج دراسة بخصوص النساء السياسيات.

وقالت جميع الاتي شملهن الاستطلاع انهن يعتقدن ان هناك معيار مزدوج مؤثر. مثلما صرحت فرانسيس فرانتهولد، رئيسة كلية ويلز في أورورا، نيويورك ” أنت بالتأكيد ترى أنك لم تمر بنوبة غضب. هنري كيسنجر يمكن ان يكون له مشاهد غضب – تذكر الطريقة التي تصرف بها في سالزبورغ؟ لكن بالنسبة للنساء، لا زلنا في المرحلة التي يتم الحكم علينا بأننا عاطفيات وغير مستقرات إذا لم نسيطر على مشاعرنا، بالإضافه الى كل تلك المصطلحات التي يتم وصف النساء بها”٩. النقاط التالية هي نقاط متفق عليها في الحياة العامة بخصوص النساء. عندما يغضب الرجل فإنه يعتبر عقلانيا او غضب مفهوم، وهذا الغضب لا يشير الى ضعف الشخصية بل يحمل معه اقناع عميق. اما عندما تغضب المرأة بنفس الدرجة، فمن المرجح أن يتم تفسير هذا الغضب على انه عدم استقرار في الشخصية. ويعتقد ان النساء أكثر عاطفية، ويتم استخدام هذا الاعتقاد بالذات لإبطال مشاعرهن. أي ان مشاعر النساء لا ترى كاستجابة لأحداث حقيقية ولكن استنباط عن أنفسهن انهن نساء “عاطفيات”.

        هنا نكشف النتيجة الطبيعية لمبدأ “عقيدة المشاعر” كلما كانت مكانتنا أقل، كلما اصبحت الثقة تجاه اسلوبنا في الفهم والشعور أضعف وأصبحنا اقل تصديقا١٠. الشعور “غير العقلاني” هو تؤام التصور الباطل. فلدى الاشخاص الاقل مكانة حق مطالبة أضعف لتحديد ما يجري. وثقه اقل في احكامهم واحترام اقل لمشاعرهم. ومن الناحية النسبية، فإنه في اغلب الاحيان يصبح الحمل على المرأة، كما هو الحال مع الاشخاص الاقل مرتبة، دعم وجهة نظر الاقلية ورفض عدم تصديق اراءهم.

        الاستجابات الطبية لمرض الذكور والاناث تعطي مثال على ذلك. اظهرت دراسة عن كيفية استجابة الاطباء للشكاوى الجسدية من ألم الظهر، والصداع، والدوخة، وألم الصدر، وأعراض الاجهاد – التي يجب على الطبيب أخذ كلمة المريض فيها – أن من بين اثنين وخمسين من المتزوجين، تلقت الشكاوى التي من الازواج استجابة طبية أكثر من تلك التي من الزوجات.

واختتم الباحثون الدراسة ب “إن البيانات قد تؤكد … أن الاطباء يميلون الى أخذ مرض الرجل بجدية أكثر من مرض المرأة”[ix]. واختتمت دراسة لتفاعل الاطباء مع المرضى الذكور (١٨٤) والإناث (١٣٠) ب “أن من المرجح أن الاطباء يأخذون المكون النفسي للمريض عندما تكون أنثى”١١. كان من المؤكد ان يتم تجاهل او ابطال تأكيد المرأة على انها مريضة وكأنه شيء “تتخيله” او شيء “ذاتي” وليس ردة فعل لشيء حقيقي تشعر به.

        ولتعويض أحد الطرق التي يتم فيها وزن مشاعر الجنسين بشكل غير متساوي، العديد من النساء يدفعن مشاعرهن الى الامام، ويحاولن التعبير عنها بقوة أكبر حتى يتم أخذ مشاعرهن بجدية. لكن هناك نجد الحلزون يتحرك الى الاسفل. الصعوبة التي يوجهنها النساء في معارضة مبدأ “عقيدة المشاعر” هي انه كلما حاولن التعبير عن مشاعرهن أكثر، كلما صار التصور عن أنهن “عاطفيات” أكثر ملاءمة. واهمال جهودهن مثال آخر على العاطفية. الطريقة الوحيدة لمواجهة مبدأ عقيدة المشاعر هي القضاء على العلاقة الاساسية بين الجنس والحالة الاجتماعية١٢.

درع الحالة الاجتماعية في العمل

يترتب بالنظر الى العلاقة بين الحالة الاجتماعية والتعامل مع المشاعر النظر الى الاشخاص من الفئات ذات الوضع المتدني – النساء، والاشخاص الملونون، والاطفال- فهم يفتقرون الى درع الحالة الاجتماعية ضد سوء المعاملة لمشاعرهم. هذه الحقيقة البسيطة لديها القدرة لتحويل محتوى أي وظيفة بشكل كامل. وظيفة مضيف الطيران، على سبيل المثال، ليست نفس الوظيفة بالنسبة للمرأة كما هو الحال مع الرجل. فتراكم يوم واحد من سوء معاملة راكب للمرأة يختلف عن تراكم يوم واحد للرجل. تميل النساء الى ان يتعرضن أكثر من الرجال الى الوقاحة او الكلام الجاف والى التذمر تجاه الخدمة، وشركة الطيران، والطائرات بشكل عام.

وباعتبار ان الشركة تقوم بامتصاص الصدمات الرئيسية من الركاب “الذين اسيئت معاملتهم” فإن مشاعرهن تتعرض بشكل أكبر للمعاملة القاسية. بالإضافة الى ذلك، التعرض اليومي للأشخاص الذين يمارسون السلطة على المرأة هي تجربة مختلفة بالنسبة للنساء أكثر من الرجال.  ولان جنس المرأة من الوضع الادنى، فإن درع المرأة ضد الاساءة يكون أضعف. وفقا لذلك يتم تقليل ما تشعر به عندما يوجه لها اللوم – في تأخر شركة الطيران على سبيل المثال – وبالتالي فإن وظيفة الرجل تختلف بطرق اساسية عن نفس الوظيفة للمرأة.

        في هذا الصدد، من العائق ان تكون امرأة – مع أن ٨٥ في المائة من طاقم ضيافة الطيران نساء -. وفي هذه الحالة، فهم ليسوا ببساطة نساء بالمعنى البيولوجي. فهن ايضا خلاصة مرئية بدرجة عالية لمفاهيم الانوثة الخاصة بالطبقة الامريكية المتوسطة. فهن يرمزن الى المرأة. بقدر ما ترتبط فئة “الانثى” ذهنيا بوضع اقل سلطة، فإن المضيفات يصنفن على انهن “حقا” من الاناث أكثر من غيرهن. ونتيجة لذلك، فإن حياتهم العاطفية أقل حماية بواسطة درع الحالة الاجتماعية.

        أكثر من المحاسبات وسائقات الحافلات والبستانيات، تختلط المضيفات بأشخاص يتوقعون منهن ان يقمن بتأدية دورين بارزين من ادوار المرأة: الام والزوجة المحبة (تقديم الطعام، ورعاية احتياجات الاخرين)، و”المرأة المهنية” الفاتنة (ترتدي ملابس معينة ليتم النظر اليها، وتتواصل مع رجال غرباء، وتسيطر وتتحكم بالسلوك، وحرفيا بعيدة كل البعد عن المنزل). إنهن يقمن بعمل يرمز الى نقل الانوثه المنزلية الى السوق الغير الشخصية، معلنه، في الواقع “انا اعمل في نظر الجمهور، لكنني لا زلت امرأة في القلب”.

        يستعير المسافرون توقعاتهم عن السيرة الذاتية للجنس من المنزل ومن الثقافة ثم يقومون ببناء مطالبهم على هذا الافتراض. ان السيرة الذاتية التي تم نسبها للعاملين من الذكور والاناث قد تكون منطقية بسبب ما يتوقعونه الركاب من الرعاية أو السلطة.

ذكر أحد مضيفين الطيران:

يسألونني دائما عن خططي العملية. “لماذا تقوم بهذا العمل؟” هذا السؤال الوحيد الذي نسمعه في كل الاوقات من الركاب. “هل تخطط الى الانتقال الى قسم الادارة؟”. يتوقع الناس أن معظم المضيفين يقوموا بهذا العمل لمدة سنة ونحوا ذلك ليقيسوا مدى اعجباهم بالتجربة، لذلك يتم سؤالنا عن البرنامج الاداري، ولا أعرف اي شخص ذهب للإدارة من هنا [x].

في المقابل ذكرت احدى مضيفات الطيران:

يسألونني الركاب “لماذا لستِ متزوجة؟” لكنهم لا يسألون المضيفين هذا السؤال. وركاب اخرون يقولون “أوه، عندما يكون لديك اطفال، ستتركين هذه الوظيفة، اعرف أنك ستفعلين” فأقول: “حسنا، لا لن أنجب اطفال” ثم يردون: “بلى، بلى سوف تنجبين” وأرد “لا، لن افعل” ولا اريد الخوض في امور شخصية أكثر من ذلك. قد يتوقعون مني ان يكون لدي اطفال لأنني امرأة، لكنني لست كذلك، بغض النظر عما يقولون.

طالما ينظر الى مضيفة الطيران على انها أم في المقام الاول، فمن الطبيعي ان تقع اعمال الرعاية على عاتقها. وكما قالت احدى المضيفات، “ان الرجال يبتعدون عنهم أكثر ونلتقط نحن هذا العمل، أعني التعامل مع الاطفال، والتعامل برفق مع الناس، فالرجال لا يتورطون بهذه الامور بقدر كبير”. وتأكيد على ذلك، ذكر أحد المضيفين بشكل عشوائي ” تسع مرات من أصل عشر عندما اذهب في طريقي للحديث، فحديثي حتما سيكون مع فتاة جذابة.” في هذا الصدد، تقدر المضيفات المضيفين “مثلي الجنس ” الذين يحاولون بمهارة تجنب اختبار السيرة الذاتية. والذين ينجذبون أكثر لرعاية العمل أكثر من الذكور المستقيمين.

        الجنس يجعل من وظيفة واحدة وظيفتين لكن باتجاهين مختلفين. يطلب من الاناث في كثير من الاحيان أكثر من الذكور تقدير النكت، والاستماع الى القصص، وتقديم المشورة النفسية.

اختصاص النساء في هذه العروض يأخذ المعنى فقط من حقيقة أن المضيفين والمضيفات كلاهما يجب أن يكونوا مختلفين وموثوقين؛ يجب أن يكونوا قادرين على تقبل النكت بلطف، لكن في نفس الوقت يجب ان يكونوا حازمين في فرض القواعد الخاصة بالأمتعة الكبيرة مثلا. ولكن نظرا لأنه من المتوقع وجود المزيد من المراعاة من النساء بشكل عام، فإن قدرتها أضعف في فرض احترام الراكب لسلطتها فيصبح هناك صعوبة في فرض القواعد.

        في الواقع، يتوقع الركاب عموما ان الرجال لديهم سلطة أكبر، وانهم يمارسون سلطتهم على النساء. بالنسبة للذكور الذين يعملون في قطاع الشركات ويعتبر السفر اسلوب حياتهم، علاقة هذا الافتراض أكثر من بعيدة عن الحقيقة. كما ذكر أحد مضيفين الطيران: “قل إنك وجدت رجل اعمال يجلس في الممر الخامس. لديه زوجة تأخذ بدلته الى المغسلة وتحضر المقبلات لضيوفه، ولديه سكرتيرة تنفيذية ترتدي نظارات بإطار سميك وتكتب ١٤٠ مليون كلمة في الدقيقة، وتعرف عن تذكرة سفره أكثر مما هو يفعل. ولا توجد امرأة في حياته”. هذا الافتراض يسمح للأشخاص ان يعتقدوا اعتقاد خاطئ وهو ان مضيف الطيران ذو العشرين عاما “مدير” او “مشرف” على النساء المسؤولات الاكبر منه سنا. ويفترض الركاب ان الرجل الذي يرتدي الزي الرسمي بين النساء يجب ان يكون لديه سلطه عليهن. في الواقع، لأنه تم استبعاد الذكور من هذه الوظيفة بعد دعوى “تمييز” طويلة في منتصف الستينات، وتم توظيف عدد قليل منهم في اوائل السبعينيات، فإن معظم المضيفين أصغر سنا واقل اقدميه من غالبية المضيفات.

        ان افتراض سلطة الذكور له نتيجتان. اولا، السلطة، مثل الحالة الاجتماعية، بمثابة درع ضد الافتراءات. بما ان النساء العاملات في الطائره يُعتقد أنهن يتمتعن بسلطة أقل، وبالتالي حالتهن الاجتماعية أضعف، فهن أكثر عرضه للافتراءات. عندما تتأخر الطائرة، او تنفذ شرائح اللحم، او الثلج، فإن الاحباطات والتذمر يكون بوجه المضيفات بشكل أكثر علانية.

ومتوقع من النساء ان يقمن “باحتواء” هذه المواقف بشكل أفضل، فدورها يكون أكبر عند استيعاب تعبير الاستياء لكن أضعف عند محاولة ايقافه او وضع حد له.

        بالإضافة الى ذلك، تكيف كل من الذكور والاناث مع مبدأ توزيع السلطة الخيالي. كلاهما جعلوه أكثر واقعية لكن بطرق مختلفة. يميل المضيفين الذكور الى الرد على الركاب كما لو كان لديهم سلطة اكبر[xi]. هذا جعلهم أقل مسامحة للمعاملة السيئة، وأكثر حزما للتعامل معها. نقلوا الرسالة التي مفادها ان السلطات تتوقع الامتثال بدون شكوى عالية. تم تثبيط الركاب الذين يرسلون رسائل الشكوى من متابعتها وايقافها في أقرب وقت. من ناحية آخرى، فإن المضيفات الاناث، يفترضن ان الركاب يتقبلون سلطتهم بشكل اقل، فيستخدمن الوسائل الاكثر لباقة وذوق للتعامل مع المعاملة السيئة. كنّ أكثر احتراما للركاب الذكور (حيث انهن يتوقعن منهم احترام اقل) من الاناث (واللواتي متوقع ان يكون تمويلهم للاحترام اقل). وكنّ اقل نجاحا في منع تصاعد سوء المعاملة. كما لاحظ أحد المضيفين: “أعتقد ان الفتيات يرتعبن أكثر عندما يكون المضيف فظّ معهن أكثر من المضيفة”.

        يفهمها بعض العاملين على انه مجرد اختلاف في الاسلوب، كما تعتقد أحد النساء:

لدى الرجال قابلية اقل للتسامح ولا أستطيع التعامل مع طريقتهم الذكورية في تأكيد أنفسهم امام الركاب. قلت لراكب كان لديه حقيبة امامه ولا يمكن اداخلها تحت المقعد: ” مكانها غير مناسب، يتعين علينا القيام بشيء حيال ذلك.” فقال: “أوه، لكنها كانت هنا معي طوال الرحلة، بلاه بلاه بلاه” ونطق ببعض الهراء. فقلت لنفسي، سأنهي هذا في وقت لاحق، وسوف اذهب بعيدا الان حيث انني كنت انوي العودة اليه.

جاء مضيف اخر (شاب صغير) لهذا الراكب، ولم يكن يعلم عن محادثتنا، قال له: “تلك الحقيبة كبيرة جدا ليتم وضعها هنا، سنضطر لأخذها بعيدا” فقال: “نعم، تفضل” وهو يسلمها له … لا ترى المضيفين الذكور يتعرضون للإيذاء الجسدي او الإساءة اللفظية بقدر ما نتعرض له نحن المضيفات.

مفترض من النساء “التسامح الزائد للإساءة” وهو مزيج من التعرض العالي لها مع ذخائر اقل لاستخدامها – من عملة الاحترام –

        هذا النمط في إشارة اخرى: غالبا ما تذهب الموظفات لزملائهن من الرجال لجعلهم “يلقون نظرة على شخص حاد الطباع”. كما قالت أحد النساء والتي استقالت حديثا من هذا الامر، بشيء من البهجة:” اعتدت على محاربة هؤلاء الاشخاص واثبات نفسي. اما الان فانا مشغولة جدا، فمن الاسهل ان اذهب وأخبر أحد الزملاء ليتعامل مع مثيري الشغب. في نهاية المطاف، نصل الى حقيقة انني لا املك الوقت الكافي للمواجهات الكبيرة. والعمل في هذه الايام مرهق للغاية، فإن لم تخرج عن طريقتك التي اعتدت عليها ستجعل عملك أكثر ارهاقا، ولان نظرة من أحد الرجال تحمل معها الكثير من السيطرة.” لذلك كلما زاد الاحتلام الذي يحظى به الذكور كلما دعوتهم أكثر لحل مثل هذه المشاكل.

        وهذا يزيد من معدل الاحترام الذي يشعر الذكور ان النساء مدينات لهم به. وجدت النساء صعوبة في الاشراف على الذكور الاصغر سنا أكثر من الاشراف على النساء[xii]. قال أحد الذكور انه يجب استيفاء شروط معينة – وتقديم الاحترام – قبل ان يطيع اوامر اي امرأة “إذا لم يكن هناك عنصر بشري في الامر فسوف اعارضه، اعتقد انه في بعض الاحيان يكون من الاسهل على الرجل ان يمثل شخصية السلطة ويحظى بالاحترام والتعاون.

اعتقد ان ذلك يعتمد على كيفية تعامل الفتاة مع نفسها. إذا لم يكن لديها الثقة الكافية او إذا كانت تسير في الاتجاه المعاكس، او استبعاد نفسها في بعض الحالات ففي هذه الحالة اعتقد انها ستواجه مشاكل مع المضيفين أكثر من مع بعض الفتيات” [تأكيدي]. يميل العاملون الى الموافقة على أن الاناث يلتقين الاوامر بشكل أفضل من الذكور، بغض النظر عن كيفية (استبعادهم عن الحالة) أن يكون المضيف مسؤول عن ذلك، وان المرأة المسؤولة يجب ان تكون “الطف” عند ممارسة سلطتها أكثر من الرجال.

        هذا الموقف تجاه المكانة والسلطة ألهم العاملات للقيام بردود فعل تعويضية. أحد الردود كان تبني شخصية أم صغير الكشافة بأسلوب لاذع ومسرور – نموذج من سلطة النساء تم تبنيه من الحياة المنزلية واستخدم هنا ليتم تقبل ما تقوم به المرأة عندها تخبر الرجال البالغين بما يجب عليهم القيام به – وبهذه الطريقة، قد تتجنب المرأة التعرض للنقد من نوع “متسلطة” أو “خرجت عن المؤلف” عندما يتم وضع سلوكياتها ضمن حدود اجتماعية يتوقعها ويضعها زملاء العمل والجمهور.

        رد اخر لاستبدال الغضب وتحدي السلطة هو جعل العلامات والرموز الصغيرة التي تدل على الاحترام مسألة مثيرة للقلق. مصطلح “مسمى الشخص”، على سبيل المثال، ينظر اليه على انه اشارة للحالة، ووعد بحق الاحترام الذي يفتقره المحرمون من أي مكانة او مرتبة معينة. مصطلح “فتاة” على سبيل المثال، معروف عند النساء العاملات أنه المعادل الاخلاقي لاستدعاء الرجال السود ب “الاولاد”، بالرغم من المضيفات يعرفن يعضهن وانفسهن ب “الفتيات” إلا ان كثير منهن عارضن استخدام هذا المصطلح من حيث المبدأ[xiii]. لا ينظرون الى ذلك على انه مسألة اجتماعية او معنوية فقط ولكن كمسألة عملية ايضا.

وعندما يتم الاشارة اليها على انها “فتاة” فقد تخضع لمزيد من الضغط في العمل. إذا كان الأمر بهذه الصيغة مثل “ايتها الفتاة، احضري لي بعض الكريمة” يكون له تأثير مختلف مقارنة بالأمر الذي يكون بالصيغة التالية “يا آنسة، هل يمكن ان احصل على بعض الكريمة”، فعندما تنفذ الكريمة لان المندوب لم يوفر كمية كافية، ستكون تعبيرات اللوم والسخط وخيبة الامل موجهة بشكل مباشر للفتيات في الصيغة الاولى. ومن الممكن تبادل رموز الاحترام كمساومة “سأقوم بإدارة مشاعري السلبية عندما اتحدث معك في حال قمت بإدارة مشاعرك تجاهي”. عندما يدخل شخص وقح وفظ الى الطائرة من وقت آخر، يذكر جميع القلقين من هذا الموضوع بأهمية درع الحالة من هذه الاساءات وأن المكافحة تستحق.

        الى جانب ادارة العواطف داخل المنزل، دخلت النساء في عدد من الوظائف تدعوا الى عمل عاطفي خارج المنزل. ومجرد دخولهم ينشأ منطق اجتماعي معين. بسبب تقسيمات العمل الواسعة في المجتمع يتم تعيين المرأة في اي وظيفة محددة في وضع وسلطة أقل من الرجل. ونتيجة لذلك، لا يمتلكن النساء الدرع لتصدي مبدأ “عقيدة المشاعر”، ويصبحن هن قسم الشكوى في كثير من الاحيان أكثر من الرجال، ويعبرن عن عدم رضاهن بلا خوف. ويتم التعامل مع مشاعرهن الخاصة بأقل اهمية. محتوى الوظيفة يختلف بالنسبة النساء عن الرجال، مما يجعل الاعلان لها يظهر بشكل مبهم١٣.

الابتعاد عن الهوية الجنسية

بغض النظر عن الجنس فإن العمل يخلق مشاكل خاصة بالهوية. ما هو دوري في العمل؟ ومن هو “انا”؟ كيف يمكنني القيام بعمل عميق دون الشعور بشعور “متصنع” وبدون فقدان احترام الذات؟ كيف يمكنني اعادة تعريف الوظيفة بأنها “صانعة للوهم” دون أن أصبح متشائم؟ (انظر الفصل السادس).

        لكن هناك قضايا نفسية اخرى تواجهها مضيفة الطيران. ردا على افتقراها النسبي للسلطة وتعرضها لمبدأ “عقيدة المشاعر”، فإنها قد تسعى الى تحسين موقفها من خلال الاستفادة من صفات “أنثوية” تقليدية. أحدهما “الام الداعمة” والاخرى الزميلة المرغوب بها “جنسيا”.

ولهذا بعض النساء يمثلن دور الام؛ لدعم الاخرين وتحسين وضعهم. والسبب الذي جعلهن يمثلن هذا الدور والتصرف كأم، هو الفوز بالاعتبار والاحترام من قبل الاخرين. بنفس الطريقة لكن بصورة اخرى وهي ان بعض النساء يتمتعن بجاذبية جنسية، وقد يتصرفن بطرق جذابة جنسيا. على سبيل المثال، أحد المضيفات قامت بدور الممثلة الجنسية، حيث قامت بالتمايل ببطء في الممرات مع ايحاءات مثيرة للإعجاب – وقد وصفت نفسها بأنها تستخدم جاذبيتها الجنسية لضمان العناية والتأييد من الركاب الذكور. في كلا الحالتين، قامت المرأة باستخدام ميزة الانوثة لأهداف شخصية. ولكن من الممكن ايضا لمضيفة الطيران ان تمثل دور الام والسلوك “المثير” فهما يشكلان جزء من انجازات واجهة المؤسسة – نتيجة لتأكيد الشركة على الوزن ومتطلبات العمر، ودورس الزينة، ورسائل الركاب فيما يتعلق بمظهر وسلوك المضيفات. تلعب الشركة دور القهرمانة (مديرة البيت ومتولية شؤونه) عند مهمة التدريب والإشراف. ولكن في دورها التجاري كمعلن لوظيفة مثيرة ورائعة، تلعب دور خادم في الكواليس. ذكرت بعض أولى اعلانات يونايتد ايرلاينز: ” وقد تكون زوجة صالحة ايضا.”، ولطالما اكدت الشركة انها لا تتدخل في الشؤون الشخصية.

        إن الطريقتان اللتان تحاول بهما النساء تقليديا في تحسين قدرهن ومكانتهن – استخدام قدراتهن الامومية لتحسين وتعزيز وضع الاخرين، واستخدام جاذبيتهن الجنسية – اصبحت تحت ادارة الشركة. معظم المضيفات الاتي تحدثت معهن اتفقن على ان الشركات تربط بين الربح وهذه الصفات والسلوكيات.

        ماهي النتيجة؟ الى جانب تحسين الوضع، بعض النساء يشعرن بالابتعاد عن دور المرأة الذي يمثلنه في الشركة.

على الجانب الجنسي، عالجت ميلاني ماثيوز، مختصة بعلاج المشاكل الجنسية، حوالي خمسين مضيفة طيران بسبب “فقدان الاهتمام الجنسي” و “مشاكل ما قبل البلوغ”، ولديها هذا القول:

تميل المريضات الاتي عالجتهن والآتي كن مضيفات طيران للانتماء الى نمط معين. فهن يميلن الى ان يصبحن فتيات “جيدات” في رعاية واحترام رغبات الاخرين. ثم تجلبهن الشركة في عمر صغير وتقوم بتوظيف هذه الصفات واستخدامها أكثر. هؤلاء النساء لم يحصلن على فرصة تحديد هوياتهن ومن هن، وهذا يظهر في حياتهم الجنسية. فهن يلعبن دور الانثى المتطرفة، كشخص يهتم بالأخرين أكثر، ولا يحصلن على فرصة لاكتشاف الجوانب الاخرى من شخصياتهن، سواء كانت جوانب جنسية او غير ذلك. تم ترسيخ بعضهم على مبدأ ارضاء الاخرين، فعلى الرغم من انهن لا يكرهن الرجال، الا انهن لا يحبونهم بفعالية. إنهن يحتفظن بقدراتهن الذهنية كجزء منهن ولا يمتلكه شخص آخر.

يعتقد فرويد ان القصص الجنسية أقل اهمية من القصص الاجتماعية، ولكن هناك ايضا قصص اجتماعية أقل اهمية من قصص جنسية. تتعلق القصة الاجتماعية هنا بشابات يريدن ارضاء الجمهور (ويعملن لدى شركات تستفيد من هذا الاسلوب) في الوقت الذي يرغبن فيه ايضا في الاحتفاظ بجزء مستقل عن هذه الرغبة. يمكن اعتبار مشاكلهن الجنسية شكلا سياسيا لما قبل الاحتجاج ضد التوسع والافراط في استخدام الانوثة التقليدية. إن هذا النوع من الاحتجاج، وهذا التمسك بشيء حميمي على أنه “ملكي” يوحي بأن هناك مناطق شاسعة من الذات قد تم التنازل عنها وأنها “ليست لي”. الذات التي نعرّفها على انها “حقيقية” يتم دفعها أكثر وأكثر داخل زاوية محددة حتى يتم استشعار تعابيرها على انها خدعة.

        ان الانفصال عن أحد جوانب الذات، في ضوء واحد، يعتبر وسيلة للدفاع. في العمل، غالبا ما يترتب على قبول الانفصال عن الذات “الحقيقية” والارتباط بالذات التي تطلبها الشركة هو تجنب الضغط، وإدراك حكيم، وحفاظ على الراحة لكن هذا الحل يخلق مشاكل جدية.

يتم تقسيم احساسنا بالذات، لكي ننقذ ذاتنا “الحقيقية” من التدخلات الغير مرغوب بها، فإننا نتخلى بالضرورة عن شعورنا السليم بالكمال. نصل الى مرحلة قبول التوتر الذي نشعر به بين ذواتنا “الحقيقية” وبين “أنفسنا” على المسرح.

        يتوجه عدد من النساء أكثر من الرجال الى وظائف في مجال الاتصال العام، وخاصة العمل الذي تكون مهمته الاساسية هي تحسين الاوضاع الاجتماعية والنفسية للأشخاص. في بعض الوظائف، مثل وظيفة مضيفة الطيران، قد تقوم النساء بعمل هذه المهمة من خلال القيام بدور المرأة فقط. لذلك، مثل هؤلاء النساء يصبحن أكثر عرضة للشعور بالابتعاد عن قدراتهن على الاداء والتمتع بأدوار تقليدية نسائية – تقديم الجاذبية الجنسية للأخرين وتعزيز اوضاعهم. هذه القدرات هي الان تحت ادارة الشركة والادارة الشخصية كذلك.

        ولعل هذا الادراك يفسر الضحك على نكته سمعتها خلسة حول مكتب دلتا للتدريب، كما لو كانت لجمهور مطلعين على شؤون الشركة. كانت على هذا النحو: مر راكب على مضيفة طيران جالسة في مطبخ الطيارة، ساقيها متباعدان، ومرفقيها على ركبتيها، وذقنها يستريح علي يد واحدة اما الأخرى فتحمل بها سيجارة مضاءة – بين الابهام والسبابة. “لماذا تمسكين سيجارتك بهذه الطريقة؟” سأل الرجل. دون النظر اليها او الابتسامة، أخذت المرأة نفخة اخرى وقالت: “لو كان لدي كرات، لكنت سأقود هذه الطائرة الان”. كان من المحتمل وجود رجل داخل “الزي” و “الفعل” الانثوي. كانت نكته غريبة، واحتجاج حاد خلف الكواليس على المنطق التجاري الذي يهمش كرامة المرأة ويوحد معاييرها.

الفصل الثامن من كتاب (So How’s the Fsmily?)


[i] تقترح نانسي تشودورو، وهي منظرة فرويديه جديدة، أن النساء في الواقع أكثر عرضه للوصول الى عواطفهن. مع فرويد، تجادل، بأن الأولاد في سن الطفولة المبكرة ولكن ليس الفتيات يجب ان يتخلوا عن هويتهم الأساسية مع الأم. ولتحقيق هذه المهمة الصعبة. يجب على الصبي (ولكن ليس الفتاة) أن يقمع مشاعره المرتبطه بالأم بجهد صعب لإثبات نفسه على أنه “ليس مثل الأم” كما هو الحال في “بوب” ونتيجة لذلك هو قمع الشعور بوجه عام. من ناحية آخرى، فإن الفتاة، بسبب دخولها فئة اجتماعية وجنسية مماثلة لتلك التي لدى والدتها، لا تضطر الى التخلي عن هويتها أو التضحية بوصولها الى المشاعر من خلال قمعها. إذا كان هذا التفسير صحيحا (وأجده معقولا) فقد نتوقع أن تكون النساء أكثر اتصال بمشاعرهن، والتي تكون أكثر توفرا للإداره الواعية. انظر تشودورو ١٩٨٠. قد يدير الرجال المزيد من المشاعر عن طريق القمع اللاوعي، والنساء أكثر عن طريق قمع واعي.

[ii] يقترح فيدلر (١٩٦٠) أن يتم تدريب البنات على يكونوا “جادّين” جيدين وأن يخجلوا من أن يكونوا سيئين في حين يطلب من الأولاد أن يكونوا جيدين بطرق شكلية لكنهم مدعوون سرا للخجل من كونهم “جيدين جدا”. إن الافراط في التنشئة على سلوك “السكر-التوابل” سينتج مهارات انوثة في تقديم الإذعان.

[iii] وجد باحثون آخرون أن الرجال لديهم ميول أكثر “رومانسية” للحب والمرأة ميول أكثر “واقعية” أي أن الذكور قد يجدوا دعما ثقافيا لبناء سلبي للحب. لأنهم يرون أنفسهم “يسقطون رأسا على عقب” أو “يمشون على الهواء” وبحسب كيفارت، “لم يتم دفع الانثى الى هنا والى القمر بسبب قوتها الرومانسية بل على العكس، يبدو انها تتمتع بقدر أعظم من السيطرة العقلانية على ميولها الرومانسي أكثر من الذكر”

[iv] هذا النمط معزز اجتماعيا ايضا، عندما ترسل النساء رسائل مباشرة (إقناعا بالمنطق والعقل أو هجمة من المعلومات) صنفت لاحقا على أنها أكثر عدوانية من الرجال الذين فعلوا نفس الشيء (جونسون وجودتشيلدز ١٩٧٦، ص٧٠)

[v] ينظر الى استخدام الحيل الأنثوية (بما في ذلك الاطراء) كنمط سياسي نفسي للشخص المرؤوس؛ بالتالي، فإن النساء اللواتي اكتسبن موطئ قدم في عالم الرجل، استنكرن ذلك، وقللن مما لا يحتاجون الى استخدامه.

[vi] الاحتفال بنكتة الذكر وتعزيز وضعه غالبا ما ينطوي على ما وصفته سوزان لالجر بالرموز غير المشروطة، “الرموز التي لا يمكن التحقق منها ولا تحتوي على معاني قاموس أو تركيب وترتيب معرّفين اجتماعيا” (لالجر١٩٥١،١٩٦٧).

[vii]  وجدت دراسة زيك روبن عن الشباب والشابات في علاقات الحب (عادة أشخاص من الطبقة المتوسطة ومن نفس العمر) أن النساء يميلن الى الإعجاب بأحبائهن الذكور أكثر. كما تشعر النساء أكثر بأحبائهن أكثر مما يفعل الرجال. (انظر روبين ١٩٧٠، رايس ١٩٦٠)

[viii] يقال إن قانون الشهامة يتطلب حماية الأضعف من قبل الاقوى. ومع ذلك، قد يقوم الرئيس بإحضار الزهور الى سكرتيرته او يفتح الباب لها كتعويض عن غضبه عليها أكثر مما يفعل للرجل. وفي احيان كثيرة أكثر مما تفعل هي له. ترمز الزهور للإنصاف او حتى للتوزيع الغير متساوي الاساسي الغامض للاحترام وتكلفته النفسية.

[ix] عدد النساء الاتي يذهبن الى الطبيب أكبر من عدد الرجال، وقد يفسر ذلك السبب الذي يجعل الاطباء يأخذونهن بأقل جدية. ولكن من الصعب هنا معرفة السبب من التأثير، لأنه إذا لم تؤخذ شكاوى المرأة على محمل الجد؛ قد تضطر الى إجراء عدة زيارات للأطباء قبل العثور على علاج (أرميتاج وآخرون ١٩٧٩).

[x] مع ازدياد عدد الركاب من الطبقة العاملة في الفترة التي تشهد انخفاض في الاسعار، تغير نوع الاسئلة الموجهة لمضيفين الطيران.  ذكر أحدهم ” الان لا يسألونني لماذا تقوم بهذا العمل؟” بل يسألون “كيف حصلت على هذه الوظيفة؟”. ومن المفارقات، ان عدد الذكور المهتمين بهذا العمل جاءوا بموقف “الباحثون عن العمل” لأنهم مهتمون في المقام الاول بوقت الفراغ والاجور الجيدة أكثر من الاناث وعلى استعداد لتجربتها لبضع سنوات قبل الانتقال.  ويخبرون عن الدافع الوظيفي التقليدي “الانثوي” أكثر من النساء، انها مهنة مرموقة وعالية الاجر.

[xi] اعترضت إدارة شركة امريكان ايرلاينز على طلب النقابة بأن يسمح للرجال بارتداء قمصان بأكمام قصيرة في الأيام الدافئة، معتبرين ان هذه القمصان “تقلل من السلطة”. وكما قالت أحد ممثلات الاتحاد النسائي في اجتماع النقابة، ” بما أن المضيفين الذكور هم الوحيدين الذين يتمتعون بالسلطة، فلماذا يهم؟”

[xii] يبدو ان الذكور المثليين لا يتلاءمون مع هذا النمط. على انهم يعاملون من قبل الجمهور على أنهم رجال، وبالتالي يحظون بمزيد من الاحترام، الا انهم لم يستخدموا هذه الحقيقة عند التعامل مع زميلاتهم في العمل. ربما ادى توقعهم للتحيز العلني ضد المثلية الى تعديل قيمتهم للاحترام الى قيمة زميلاتهم. وهذا الى حد كبير سهل العلاقات بينهم وبين زميلاتهم في العمل. وقالت احدى النساء العاملات “إن الرؤساء المثليين عظماء. واذ كان لدى “بان ام” اي نظر ستفضل توظيفهم”

[xiii]اما من ناحية اجتماعية لا يسمح لمن تقدمت بالعمر ان يطلق عليها “فتاة”. حتى النساء في الثلاثينات من العمر يطلق عليهن احيانا “الجدة” او يتعرضن لملاحظات وأسئلة مثل “هل هي مستعدة للتقاعد؟” كما لاحظت احدى النساء في منتصف الثلاثينات من العمر: “هناك فرق بالتأكيد، نعم، الرجال يعترفون انهم يستطيعون العمل حتى الستين او الخامسة والستين. تعمل النساء مثل الكلاب فقط لإثبات انه مازال بإمكانهن العمل ومن ثم يتعين عليهم محاربة ملاحظات الجدة”