مجلة حكمة
الجغرافيا التاريخية

الجغرافيا التاريخية

الكاتبعبدالرزاق القرقوري

تقديم عام:

منذ نهاية القرن الماضي فرضت الجغرافيا التاريخية نفسها كتخصص قائم بذاته كفيل بفتح افاق جديدة أمام البحث في تاريخ العصرين القديم والوسيط وتعميق المعرفة بخصوص عدد من الظواهر التاريخية المرتبطة بهاتين الحقبتين. وما فتئ الإنتباه في اوساط المتخصصين يتزايد بعدئد إلى أهمية تفاعل الإنسان بالمجال ومعالجة التأثيرات المتبادلة بين الجغرافيا والتاريخ في تطوير المعرفة التاريخية، إلى حد أن البعض لم يتردد في الإقرار بأن التاريخ القديم والوسيط يبدأ من الجغرافية التاريخية.”[1]

تفرض العلاقة الحاصلة بين الجغرافيا والتاريخ حصول تأثير وتأثر بين العلمين، فظهور الجغرافية التاريخية واكبه ظهور للتاريخ الجغرافي أو تزامن معه، فمع تطور العلوم وانفتاحها أصبح من اللازم تناهج التخصصات وهذا ما حصل بين التاريخ والجغرافيا، وعليه فإن دراسة كل التخصصات التي تفيد في الكتابة التاريخية وتساعد على اكتساب منهجية البحث نرى أنه من الصواب الخوض في دراستها، هذا ما دفعني للبحث في هذا الموضوع ودراسة الجغرافية التاريخية قصد الإلمام ولو بالقليل من اجل تطوير منهجية البحث.

فما هو مفهوم الجغرافية التاريخية؟

وما مناهجها ومجالات دراستها؟

وكيف يستفاد منها في الكتابة التاريخية؟

للإجابة على هذه الإشكالية، وضعت تصميما  وفق الشكل التالي:

الفصل الأول: الجغرافية التاريخية مفهومها ومميزاتها.

       أولا: مفهوم الجغرافيا التاريخية .

       ثانيا: العلاقة بين الجغرافيا والتاريخ.

       ثالثا: مميزات الجغرافية التاريخية.

الفصل الثاني: الجغرافية التاريخية ومفهوم الزمان والمكان ومناهجها.

       اولا: ثنائية الزمان والمكان في الجغرافية التاريخية.

       ثانيا: مناهج الجغرافية التاريخية.

خاتمة.

 

الفصل الاول: الجغرافية التاريخية مفهومها ومميزاتها.

   1 مفهوم الجغرافيا التاريخية: 

    يمكن تعريف الجغرافيا التاريخية بأنها هي جغرافيا الماضي الذي يتعرض له في المجال( مكان” التراب) خلال الزمن فالجغرافية التاريخية تحاول ان تعطينا صورة عن مكونات المجال وتطوره عبر الزمن وديناميكيته. فالمجال الجغرافي يتعرض لتغيرات مع الوقت، هذا ما يجعل الإنسان يتفاعل مع هذا التغير ، لذلك فالعامل البشري لا يمكن عزله عن المجال الذي يعيش فيه  فالإنسان ابن بيئته. والجغرافية التاريخية تحاول دراسة كل التغيرات الحاصلة على المجال وربطها بالعامل الزمني الذي يعتبر من مرتكزات البحث التاريخي، وبفضل هذا الإنفتاح على الزمن حققت الجغرافية التاريخية تطورا ملحوظا مع المدرسة الفيدالية ، ولذلك صح القول بأن ” أي ظاهرة جغرافية بشرية أو طبيعية ظهرت في التاريخ وتطورت فإن مظهرها الحاضر ما هو إلا حلقة سلسلة متصلة تستمد وجودها ومعناها من الماضي.”[2].

وقد ذهب بعض الباحثين الى القول “بأن الجغرافية التاريخية أضافت أشياء جديدة للبحث التاريخي والجغرافي إد يرى إيست ” انها تحاول الكشف عن أنواع العمران وكيف كان توزيعه ونوع النشاط وتوزيع السكان فيها”[3].

وهذا نستشفه في التغيير الذي يطرأ على المجال أي الارض عند حدوث زلازل وبراكين وإعصارات وحالات غمر للمياه لمناطق عدة ومساحات جغرافية كانت اهلة بالسكان… وهذا لا يبدوا للشخص العادي ولا يستطيع ان يسجله لان عمر الإنسان أقصر من أن يظهر فيه هذا التغير. فالتغيير الحاصل يكون بطريقة بطيئة مما لا يجعله يظهر للعيان الا بعد اجيال. ” بينما لا يحتاج التغير في المظهر الثقافي او الحضارة البشرية لدليل على وجوده. فإقامة الخزانات والسدود على مجاري الأنهار. والتي تتحكم في مياه مجاري الانهار حثى لا يستطيع الإنسان الإستفادة منها في عمليات الزراعة وباقي انشطة حياته، ومن المظاهر الحضارية إنشاء القرى والمدن…. وهي كلها امور يسجلها التاريخ ونشهدها بأعيننا في ارجاء الكرة الارضية”[4] إذن فالجغرافيا هي العلم الذي يدرس الأرض بوصفها وطنا للإنسان, ومنه فإن دراسة المجال في ارتباطه بالزمن يعطي إضافة نوعية للدراسة/ وهذا ما استفادت منه الجغرافية التاريخية. وكان كارل ريتر خلال حياته شديد الإعتقاد بالعلاقة بين الجغرافية والتاريخ… أما ماكندر فيعد أحد مؤسسي الجغرافية التاريخية لا في بريطانيا فحسب بل في العالم. ولقد استحوذت على اغلب اهتمامه بحيث يعرفها بأنها دراسة الحاضر التاريخي ويضيف قائلا: على الجغرافي ان يعود بنفسه الى ما كان قائما منذ الف سنة او الفين أو أكثر وعليه أن يحاول تصور الأحوال الجغرافية التي كانت قائمة أنذاك كأنما يعيشها في تلك المرحلة بالذات”[5].

ونجد عديدا من الباحثين يركزون على بعض الأساسيات لدراسة الجغرافية التاريخية، فجلبرت يوجه النظر لخمس نقط لهده الدراسة:

1 دراسة تاريخ علم الجغرافية.

2 دراسة تاريخ الكشوف الجغرافية.

3 دراسة تغير الحدود السياسية بين الدول.

4 دراسة تأثير البيئة على مجرى الحوادث التاريخية.

5 دراسة الجغرافية الإقليمية للماضي.”[6]

ومنه فإن الجغرافية حسب عديد من التعريفات السابقة هي تطور العلاقة بين الإنسان والبيئة خلال الزمن. ويرى منير البعلبكي” بأن الجغرافية التاريخية هي دراسة ما كانت عليه جغرافية موضع ومنطقة او موقع في فثرة بعينها من فتراث التاريخ… وما يميز الجغرافية التاريخية عن غيرها من مباحث الجغرافيا هو إضافة عنصر الزمن”[7].

وعلى دارس الجغرافية التاريخية تقع مهمة إعادة بناء الجغرافيات السابقة للمنطقة الجغرافية موضوع الدراسة… وهذا يتطلب من الجغرافي أن يلم بالتراث الماضي الجغرافي والجيولوجي والتاريخي … ليطرح تساؤلات من قبيل لماذا المنطقة بهذا الحال وهل المظهر سيتغير مع الزمن إن تغيرت الألية المتحكمة “[8].

ويقول المؤرخ حسان حلاق “ومن المعلوم أن هناك فرعا خاصا في العلوم الجغرافية يعرف باسم- الجغرافية التاريخية- وهي التي تهتم بدراسة التطور التاريخي وحركات السكان المختلفة”[9].

فيما يقول الاستاذ محمد أوجامع “دخل منطق التاريخ المجالي( الجغرافية التاريخية) ضمن وسائل وادوات التحليل التاريخي. ذلك لأن المجال هو الشاهد الأول على وجود الإنسان وان وجود هذا الاخير أثر في المجال وبدا في صنع التاريخ ، وقد بنيت هذه الفرضية على معطيات اركيولوجية  وجغرافية وانتربولوجية.”[10]

ومنه فإن الجميع يتفق على ان الجغرافية التاريخية جزء من الجغرافية البشرية، وتدرس علاقة الانسان بالمجال وتنفتح عن موضوع الزمن الماضي والتغيرات الحاصلة على المجال زمنيا.

2 العلاقة بين التاريخ والجغرافيا.

الجغرافيا :هي علم يدرس الارض والظواهر الطبيعية والبشرية التي تطرأ على المجال وتتفرع الى تلاث اقسام. جغرافية بشرية وجغرافية طبيعية وجغرافية إقليمية.

التاريخ: فهو دراسة علاقة الإنسان بالمجال في الزمن الماضي، ودراسته للماضي البشري هي ما تميزه عن باقي العلوم.

وبذلك يكون كل من الجغرافيا والتاريخ يجتمعان في دراسة المجال والإنسان، اي علاقة الإنسان بالمجال ،تميل الجغرافيا للمجال عن طريق الوصف ويميل التاريخ للإنسان عبر تتبع دقائق تفاصيل حياته. لكن التاريخ يتجاوز الجغرافية عندما يوولي أهمية كبرى للزمن بل صلب الدراسة التاريخية تكمن في معرفة الزمن الماضي، اما الجغرافيا فهي لا تعيير أهمية للزمن . لكن التطور الذي حصل مع المدرسة الفيدالية مع فيدال دو لا بلاش ، حررت الجغرافيا وانتجت فرعا جديدا يسمى الجغرافية التاريخية وبذلك تكون الجغرافية التاريخية مادة دسمة بالنسبة للدراسات التاريخية لكونها تحلل ماضي موقع جغرافي ليسهل بعد ذلك على المؤرخ فهم التطورات الثقافية والحضارية الحاصلة في المجال اثناء كتابته للتاريخ، فالإستعانة بالجغرافية التاريخية اصبح يلح نفسه على المؤرخ.

تعتبر العلاقة المتبادلة القوية بين الجغرافية التي تمتل علم المكان والتاريخ الذي يمتل علم الزمان موضوع قديم جدا، شغل فكر الإنسان منذ أن اهتم بدراسة طبيعة المجتمع البشري على سطح الارض، والواقع انه لا يمكن فصل عاملي المكان والزمان عن بعضهما ، كذلك لا يمكن الفصل بين التاريخ والجغرافيا. ولقد ادرك العديد هذه العلاقة بين الجغرافيا والتاريخ…ويقول ميشليه بغير الأساس الجغرافي  يبدوا لنا ان الناس الذين يصنعون التاريخ كما لو كانوا يمشون في الهواء أي على غير أساس . فالمكان له تأثير يتجلى في اشكال عديدة مثل الطعام. المناخ وهو يؤثر في الجماعات البشرية كما يؤثر في الأفراد.”[11]

ومنه فإن ارتباط الجغرافيا بالتاريخ ارتباط وثيق مبني على علاقة وطيدة لا تنفصل كما سماها الأستاذ محمد اوجامع في محاضراته في مادة الطبونيميا ،  ويقول في تعريفيه للتاريخ” التاريخ هو جغرافيا تقادمت” ويعتبر الذي فصل بين  التاريخ والجغرافيا كالذي فصل بين الأم ورضيعها “[12].

3 مميزات الجغرافية التاريخية.

تتميز الجغرافية التاريخية بإضافة عنصر الزمن الذي هو من خصائص التاريخ مما اعطاها بعدا ديناميكيا. فعنصر الزمن يمنح للجغرافية التاريخية سهولة الربط التتابعي والتحليلي في الإطار المكاني بحيث يكون الماضي مفتاح الحاضر من جهة واتخاد المظهر الحضاري الحالي او المظهر الطبيعي السائد لبناء الجغرافية التاريخية التي منها يمكن التوصل إلى أصل الاشياء من جهة أخرى، وفي هذا الصدد يقول الأستاذ حسن المباركي ” لقد اصبحت الجغرافية التاريخية علما تصاغ فيه الحقائق التاريخية بطريقة جغرافية وذلك كما يقول ماكولي إذا اردنا ان نقوم بدراسة مجدية لتاريخ اجدادنا ، ينبغي علينا الا ننسى ان الأقاليم التي نقرأ تاريخها القديم كانت جدا مختلفة عن الاقاليم التي نعيش فيها اليوم”[13]

الفصل الثاني  : الجغرافية التاريخية ومفهوم الزمان والمكان،                                              ومناهجها.

1 ثنائية الزمان والمكان في الجغرافية التاريخية.

كما سبق الذكر إلى كون الجغرافية التاريخية فرع من فروع علم الجغرافيا هذه الاخيرة التي تولي اهتماما بالغا بالمجال( التراب/ المكان)  بحيث أنه يشكل ركيزة في البحث الجغرافي عموما مما يجعل من الجغرافية التاريخية مفيدة بمنحها ديناميكية للمجال لما يمتزج في الدراسة بالزمن الماضي، فعلى سبيل المثال كون الكرة الارضية تغيرت في الوقت الحالي بالمقارنة مع بداية نشأتها وتكوينها وهذا التغير اتخد شكلا متغايرا مع مرور الزمن، فالزمن عندما تحترم دراسته ينقلنا من الدراسة السطحية للمجال إلى الدراسة العميقة التي ترصد تطور هذا المجال عبر الزمن ، مما يستوجب على الجغرافيين الوقوف وتصحيح المسار والتفكير في كتابة الجغرافيا ببعدها الزمني يعود بالنفع على البحث الجغرافي. لذلك نجد الأستاذ حسن المباركي يقول” وبما أن الجغرافية التاريخية تحل مشاكلنا الجغرافية كالإزدواجية وتخطيط المستقبل. لهذا يمكن القول بأن مستقبل الجغرافيا هو الجغرافية التاريخية.” [14]

فـ الجغرافيا التاريخية تقر بأن الموقع ليس فكرة مطلقة فحسب ولكنها نسبية لأنه عامل جغرافي متغير وثابت في الوقت ذاته. وبما انه متغير لذا لابد من أن يقوم تقويما صحيحا خلال عصور التاريخ المختلفة، يقول مؤسس مدرسة الحوليات لوسيان لو فيفر ” انه كلما يطرأ تغيير على المكان سلبا او إيجابا  يتخذ ذلك المكان بعدا أخر تبعا لطبيعة التغير وبهذا فإن سيمات الموقع هي التي تحدد العلاقة المكانية مع المواقع الاخرى.

وعملت الجغرافيا التاريخية على الاستفادة بشكل كبير لما أضافت العامل الزمني هذا يدفع العديد من الباحثين الى الإقرار بأن ” الفارق الوحيد الذي يميز الجغرافية التاريخية عن أي مبحث جغرافي اخر هو إضافة عنصر الزمن- هذا العنصر الغائب في الأعم الأغلب- عن الدراسة الجغرافية العامة.”[15]

واستفادت مدرسة الحوليات في إعطاء اهمية للموقع الجغرافي على حساب الاحداث السياسية. فنذكر فرناند بروديل الذي أحدث ثورة في الكتابة التاريخية فبعدما كان عنوان أطروحته ” فيليب الثاني والبحر الابيض المتوسط ” إقترح لوسيان لوفيفر وهو الأستاذ المشرف عن بحث فرناند بروديل أن يكون عنوان البحث البحر الأبيض المتوسط وفيليب التاني , فلم يعد فيليب هو الموضوع وانما البحر الابيض المتوسط هو الموضوع وهو موضوع جغرافي بالنسبة للمؤرخ يقول فرانسوا دوس في كتابه التاريخ المفتث ” إنه منعطف حاسم سيحققه صاحب المشروع فرناند بروديل بتبنى إقتراح  لوسيان لوفيفر والإعتماد على إرثه.”[16]

لقد حاول مؤلف البحر الأبيض المتوسط “الذي يستمد قوته من سابقيه أن يؤسس علم “جغرافية-تاريخ” … فهو يحرر الجغرافية من تتبعها للوقائع الحالية التي تشكل همها الوحيد او تكاد ويفرض عليها استغلال مناهجها وروحها لإعادة التفكير في الوقائع الماضية، إنه يجعل من الجغرافية التاريخية التقليدية على طريقة لونيون التي تكاد تقصر جهودها على دراسة حدود الدول…دون اهتمام بالارض نفسها  ،الطقس، التربة، النباتات…جغرافية حقيقية انسانية ومهتمة بالماضي، يفرض على الجغرافيين ان يعطوا مزيدا من الإهتمام للزمن( الشيء الذي قد لا يكون سهلا نسبيا)، وعلى المؤرخين ان يهتموا اكثر بالمكان (الشيء الذي قد يكون أكثر إحراجا لهم)… وهو يفكر في جدلية الزمان والمكان إلى تصور ازمنة متعددة:” هكذا توصلنا الى تفكيك التاريخ الى مستويات على شكل رفوف او إن شئنا الى التمييز بين زمن جغرافي ، زمن اجتماعي ،زمن فردي.”[17]

فكما ان التاريخ إستفاد من المجال وانتج رواد مدرسة الحوليات ما يسمى بالتاريخ الجغرافي فإن المدرسة الفيدالية ساهمت بشكل كبير في ظهور الجغرافية التاريخية هذه الاخيرة التي بإضافتها للعامل الزمني تكون قد حققت طفرة نوعية في البحث الجغرافي، فثنائية المجال والزمن في الجغرافية التاريخية تزيد من لحمة التاريخ والجغرافيا وتفتح افاقا متنوعة للبحث في الدراسات التاريخية منها او حتى الجغرافية، وفي علاقة للموضوع بماستر الماء يقول الاستاذ حسن المباركي “سيعمل كثير من الباحثين على التنقيب التاريخي في مجال معين حول قضايا معينة كمسألة الماء ودوره في مسلسل الأحداث السياسية الذي تقع فيه وفي تطور البنيات السوسيو اقتصادية التي تسايرها او تنشأ فيها.

أما الأستاذ محمد بلفقيه فنجده ينوه بالمشروع البروديلي ويعتبره حلقة بداية تزامنت مع تطور المدرسة الفيدالية ، ويعتبر اعتماد المجال في الدراسة التاريخية وتفسيرها إضافة نوعية لعلم التاريخ الذي لا يمكن فصله عن الجغرافيا حسب تعبيره ويقول” وبصرف النظر عن التزام المؤرخين بالنهج البروديلي او عدم التزامهم به فإن موضوع المكان صار عندهم احد المقومات الإبستمولوجية للمادة حتى في علم الاثار.”[18]

ويقول في موضع اخر ” قد اخطأ الجغرافيون حينما ظنوا انه  بالإمكان  تأسيس علم على مفهوم وان -حوزتهم- هي المجال الارضي أي أن يجعلوا من الموضوع علما. فلا يمكن بناء علم على المكان اكثر مما يمكن بناؤه على الزمان”[19]

ومنه صح القول بأن التاريخ يتفوق على الجغرافيا بعامل الزمن الذي يضفي ديناميكية عل الجغرافيا في حالة الإستفادة منه وهو ما نلحضه في الجغرافيا التاريخية .

2 مناهج الجغرافية التاريخية.

تدرس الجغرافية التاريخية بمنهج موضوعي وأخر إقليمي:

أولا: المنهج الموضوعي:

ويتناول المنهج الموضوعي تطور ظاهرة معينة تكون طبيعية أو بشرية خلال فثرة زمنية معينة أو فتراث زمنية متتابعة. فعلى سبيل المتال قد تدرس ظاهرة طبيعية كالإرساب النهري، أو طريقة تكون الجزر النهرية، أو تغير أماكن رأس الدلتا، أو تأكل الشواطئ، أو المدرجات النهرية خلال فثرة معينة أو تتابع فتراث زمنية معينة أو تدرس سجلا لفيضانات نهر النيل، أو ذبذبة الأمطار خلال فثرة ما، أو دراسة تطورية خلال فترات زمنية متتالية ، هذه هي النماذج الطبيعية التي تهتم الجغرافيا التاريخية بدراستها، وقد تدرس نشأة مدينة وتطورها خلال فثرة زمنية، أو فتراث زمنية مختلفة للجغرافيا الزراعية لإقليم معين خلال فثرة ما، او نشاة وحدة سياسية وتطورها، أو تطور تعمير إقليم ما بالعناصر البشرية، او تطور السكان في إقليم ما وهكذا فهذه نماذج للجغرافيا البشرية التاريخية.”[20]

تانيا: المنهج الإقليمي:

يتجه الإهتمام في هذا المنهج إلى دراسة فروع الجغرافيا طبيعية كانت او بشرية لإقليم ما خلال فثرة زمنية او فتراث زمنية متتالية، وقد يتجه الباحث الى رسم عدة صور متلاحقة للإقليم في فتراث تاريخية متعاقبة، او تناول بعض مظاهر جغرافية معينة في هذا الإقليم خلال الفترات التاريخية التاريخية المحددة للبحث، مثل تطور المناخ او الغطاء النباتي أو تطور العمران، او تطور التعمير باستخدام العناصر البشرية، او تطور النشاط الإقتصادي أو التطور الديمغرافي، او تطور الاقسام الإدارية الخ….ونذكر بان الجغرافي الإنجليزي جون هربرت فيلير، الذي اخرج مع زميله بيك سلسلة دهاليز الزمن، وتتبع فيها الحضارات الإنسانية منذ عصر البلايستوسين حتى العصور التاريخية.”[21]

 

خاتمة:

ومنه فإن انفتاح الجغرافيا على الزمن افرز لنا جغرافية تاريخية أصبحت بمثابة المادة الدسمة التي تساعد البحث التاريخي وتغني البحت الجغرافي وتجعله في حلة ديناميكية وحيوية للدور الفعال الذي يلعبه الزمن، فيما استفاد البحث التاريخي بتوفير العناية بالمجال (الارض ) وطور من اساليبه في البحث وحقق ثورة مع مدرسة الحوليات خصوصا المشروع البروديلي “التاريخ الجغرافي”. واختم هذا العرض بما قاله عبد العزيز الدوري عن الجغرافية التاريخية حيث  يقول ” اين الجغرافية التاريخية. وأين الخرائط والأطالس التي توضح هذا للقارئ او للطالب حتى في أعلى المستويات الجامعية؟ لا تظنوا اني ادافع عن الجغرافية، ولكني اذكر بالارض وبدورها في حركة التاريخ، اليس التاريخ تفاعل البشر والارض في زمان ما ؟ إننا ما نزال دارسين وباحتين ، نفكر بالبشر وحدهم كانهم يعيشون في فراغ . وكان الارض لمن نزل. الا تشعرون معي الان وفي واقعنا الذي نعيشه ان هذه نظرة ضياع، نشأت عن وضع الدراسة التاريخية على رف التاريخ بدل ان تكون شيئا عضويا يعبر عن حياة ذات ابعاد تتصل ، وتتطلع الى افاق المستقبل.”[22]


لائحة المصادر والمراجع:

– حسن حلاق: مقدمة في مناهج البحث التاريخي والعلوم المساعدة وتحقيق المخطوطات بين النظرية والتطبيق. دار النهضة العربية للطباعة والنشر طبعة 1986

– عبد العزيز الدوري ، الاعمال الكاملة  للدكتور عبد العزيز الدوري، اوراق في التاريخ والحضارة أوراق في علم التاريخ، مركز دراسات الوحدة العربية. الطبعة الاولى بيروت يونيو 2009.

  • محمد بلفقيه ، القول عنها والقول فيها. دار نشر المعرفة. الطبعة الاولى سنة 2002 .
  • فرانسوا دوس . التاريخ المفتت من الحوليات الى التاريخ الجديد ترجمة محمد الطاهر المنصوري. توزيع مركز دراسات الوحدة العربية . الطبعة الاولى : بيروت يناير 2009.
  • .

لائحة المجلات:

–      مجلة امل، التاريخ الثقافة والمجتمع، المدير المسؤول  المختار عنقا الإدريسي، العدد الأول ، السنة الاولى 1992 ،دار قرطبة للطباعة  والنشر الدار البيضاء.

–      مجلة أمل التاريخ الثقافة .المجتمع المدير المسؤول المختار عنقا الإدريسي العدد التاسع السنة الثالثة 1997.

المواقع الإلكترونية:

  • الجغرافية التاريخية تعريفها ومجالها ومناهجها، موقع منتديات العرب . الجغرافيون تاريخ الإطلاع 7 فبراير 2015.

–   العلاقة بين التاريخ والجغرافيا، تاريخ الزيارة 7 فبراير 2016.www. mojtamai.com.

  • منير البعلبكي .1991 موسوعة المورد/ الموسوعة الجغرافية /المجلة الجغرافية. نافذة الجغرافيين العرب تاريخ الزيارة 7 فبراير 2016.
  • محمد مقداد ، ماهية ومفهوم الجغرافية التاريخية . مجلة الإبتسامة . مجلة الكترونية، الموسوعة العلمية، العلوم المختصة الجغرافيا تاريخ الزيارة فبراير 2016.

محاضرات جامعية:

  • الاستاذ محمد اوجامع، محاضرات مادة الطبونيميا كلية الأداب مراكش شعبة التاريخ سنة 2013.
  • محاضرات الاستاذ حسن المباركي الفصل الثالث من ماستر الماء في تاريخ المغرب. كلية الأداب مراكش. سنة 2015.

[1]  – المدير المسؤول المختار عنقا الإدريسي العدد التاسع السنة الثالثة 1997. ص 138. مجلة امل. التاريخ الثقافة المجتمع. ،

[2]  – الحسن المباركي محاضرات الفصل الثالث من ماستر الماء في تاريخ المغرب سنة 2015.

[3]  – مرجع نفسه.

[4]  – الجغرافية التاريخية تعريفها ومجالها ومناهجها، موقع منتديات العرب . الجغرافيون تاريخ الإطلاع 7 فبراير 2015.

[5]  – الأستاذ الحسن المباركي محاضرات الفصل التالث ماستر الماء في تاريخ المغرب، سنة 2015.

[6]  – نفسه.

[7]  – منير البعلبكي .1991 موسوعة المورد/ الموسوعة الجغرافية /المجلة الجغرافية. نافذة الجغرافيين العرب تاريخ الزيارة 7 فبراير 2016.

[8]  – محمد مقداد ، ماهية ومفهوم الجغرافية التاريخية . مجلة الإبتسامة . الموسوعة العلمية، العلوم المختصة الجغرافيا تاريخ الزيارة فبراير 2016.

[9]  – حسن حلاق: مقدمة في مناهج البحث التاريخي والعلوم المساعدة وتحقيق المخطوطات بين النظرية والتطبيق. دار النهضة العربية للطباعة والنشر طبعة 1986.ص 78.

[10]  – الاستاذ محمد اوجامع. محاضرات مادة الطبونيميا كلية الاداب مراكش شعبة التاريخ 2013.

[11] ا – لعلاقة بين التاريخ والجغرافيا، تاريخ الزيارة 7 فبراير 2016.www. mojtamai.com.

[12]  – الاستاذ محمد اوجامع، محاضرات مادة الطبونيميا كلية الاداب مراكش شعبة التاريخ سنة 2013.

[13]  – حسن المباركي ، محاضرات الفصل التالث من ماستر الماء في تاريخ المغرب سنة 2015.

[14]  – حسن المباركي، محاضرات الفصل الثالث من ماستر الماء في تاريخ المغرب  سنة 2015.

[15]  – حسن المباركي ، الرجع السابق.

[16]  – فرانسوا دوس . التاريخ المفتت من الحوليات الى التاريخ الجديد ترجمة محمد الطاهر المنصوري ص 201. توزيع مركز دراسات الوحدة العربية . الطبعة الاولى : بيروت يناير 2009.

[17]  – مجلة امل، التاريخ الثقافة والمجتمع، المدير المسؤول  المختار عنقا الإدريسي، العدد الأول ، السنة الاولى 1992 ،دار قرطبة للطباعة  والنشر الدار البيضاء. ص 81.

[18]  – محمد بلفقيه ، القول عنها والقول فيها. دار نشر المعرفة. الطبعة الاولى سنة 2002 ص. 291.

 [19]  – محمد بلفقيه. الجغرافيا القول عنها والقول فيها، مرجع سابق ص 321.

[20]  – محاضرات الاستاذ حسن المباركي  الفصل الثالث من ماستر الماء في تاريخ المغرب. سنة 2015.

[21]  – محاضرات الأستاذ حسن المباركي، الفصل الثالث ماستر الماء في تاريخ المغرب سنة2015.

[22]  – عبد العزيز الدوري ، الاعمال الكاملة  للدكتور عبد العزيز الدوري، اوراق في التاريخ والحضارة أوراق في علم التاريخ، مركز دراسات الوحدة العربية. الطبعة الاولى بيروت يونيو 2009. ص 117.