مجلة حكمة
مسألة مولينو ستانفورد

مسألة مولينو – موسوعة ستانفورد للفلسفة / ترجمة: فاطمة الشملان

مقدمة: حول مسألة مولينو ،  نص مترجم لد مارجولين ديغينار وجيرت-جان لوخورست والمنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة على هذا الرابط، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التحديث أو التعديل من فينة لأخرى منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد، وعلى رأسهم د. إدوارد زالتا، على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمةنسخة PDF


في يوليو 1688، أرسل العالم والسياسي الإيرلندي وليام مولينو (1656-1698) رسالة إلى جون لوك يضع فيها أمامه مسألة أيقظت اهتمامًا كبيرًا بين الفلاسفة والعلماء الآخرين منذ عصر الأنوار حتى اليوم الحالي. باختصار؛ كان السؤال الذي سأله مونيلو عما إذا كان الرجل الذي ولد أعمى وتعلم تمييز وتسمية الكرة عن المكعب باللمس سيكون قادرًا على تمييز وتسمية تلك الأغراض بالنظر ببساطة متى ما أصبح قادرًا على الإبصار.

  • صياغة مولينو للمسألة.

  • نقاشات القرن الثامن عشر الفلسفية بخصوص مسألة مولينو.

  • أول البيانات المختبرة.

  • التوجهات التجريبية في القرن التاسع عشر.

  • التوجهات الحديثة.

  • الخاتمة.

المصادر.

الأدوات الأكاديمية.

مصادر إنترنت أخرى.

مدخلات ذات صلة.


1-صياغة مولينو للمسألة:

اهتم مولينو اهتمامًا بالغًا بالبصريات وعلم النفس البصري، كما يبدو في كتاباته ومحاضراته. وهذا يعكس إلى حد ما السلوك العام في وقته ببساطة: إذ كانت البصريات حينها تستحوذ على اهتمام عدد من العلماء البارزين. كما امتلك اهتماما شخصيًا بالموضوع، إذ فقدت زوجته بصرها في أول سنة من زواجهما. يتواجد السبب المباشر لصياغته المسألة وإرسالها إلى لوك في مخلص لوك الفرنسي لـ مقالة تتعلق بالفهم البشري والمنشورة في 1688 في المكتبة العالمية والتاريخية. في هذا الملخص، فرّق لوك بين الأفكار التي نكتسبها عبر وسيلة الحاسة الواحدة وبين تلك التي نكتسبها بأكثر من حاسة. إذ أكد على أن من يفتقر لحاسة لن يتمكن مطلقًا من اكتساب الأفكار التي تتعلق بها. فالأعمى على سبيل المثال لن يمتلك أي فكرة إطلاقا عن اللون. وأعتقد لوك بأن الأفكار التي نقدر على اكتسابها بوسيلة جمع الحواس هي تلك المرتبطة بالمساحة، والسكون، والحركة، والهيئة. تعلقت مسألة مولينو بآخرِ تلك الأشياء. من المرجح أن ما ألهم مولينو هو بيان لوك عن أفكار الأكمه والأفكار التي يمكن اكتسابها بوسائل النظر واللمس، علاوة على أنه كان معجبا أيما إعجاب بلوك. (بالإضافة إلى هذا، من الممكن أن رواية القرن الثاني عشر الفلسفية لابن طفيل حي بن يقظان والتي صدرت للتو باللاتينية (1671) والإنجليزية (1674) قد ألهمت مولينو ولوك كذلك.)1

في يوم السبت من السابع من يوليو سنة 1688، كتب وليام مولينو رسالة إلى جون لوك يطرح فيها لأول مرة مسألته المتعلقة بشخص أكمه:

دبلين 7 يوليو 88

مسألة مقترحة على مؤلف مقالة تتعلق بالفهم الإنساني

إنسان أكمه، معه كرة Globe ومكعب بنفس الحجم مقبوضة بيديه، وعُلِّم أو قيل له أيهما يُسمى كرة وأيهما يسمى مكعب، حتى يسهل عليه التفريق بينهما باللمس أو الإحساس؛ ثم أُخذ الاثنان منه ووضعا على الطاولة. لنفترض أن بصره عاد إليه؛ هل يمكنه بلا أن يلمسهما أن يعرف أيهما الكرة وأيهما المكعب؟ أو هل يمكنه أن يعرف بالرؤية، قبل أن يمد يده؟ أو الوصول إليهما إذ أُبعدا عنه مسافة 20 أو 1000 قدم؟

إذا اعتقد الكاتب المتعلم والحاذق بأن هذه المسألة تستحق اهتمامه والإجابة عليها، فيمكنه بأي وقت أن يوجهها لمن يجله كثيرًا، وهو

وصيفه المتواضع:

وليام مولينو

هاي أرموندز غيت في دبلين. إيرلندا

ولأسباب غير معروفة، لم يجب لوك على الرسالة قط. إلا أنه بعد أن بدأ الرجلان مراسلات ودية بعد عدة سنوات/ عاد مولينو إلى مسألته، ونجحت محاولته هذه المرة. ففي رسالته بتاريخ الثاني من مارس 1693، عرض مولينو مسألته على لوك، إلا أنها كانت بهيئة متغيرة نوعا ما، سائلا لوك إن كان من الممكن أن تجد مكانًا في مقالة له ليقول شيئا عنها. تفاعل لوك هذه المرة بحماسة: “ستستحق مسألتك الحاذقة أن تُنشر للعالم”. ومن الطبعة الثانية لـ مقالة (عام 1694) شمل لوك مسألة مولينو في عمله وبالتالي جعلها متاحة لجمهور أعرض:

فلنفرض أن رجلا أكمه، والآن غدى بالغا، وعُلّم بلمسه التفريق بين المكعب والكرة  Sphereمن نفس المعدن، وبنفس الحجم تقريبًا، ليقول حين يحس بإحداهما أو كلاهما أيهما المكعب وأيهما الكرة. فلنفرض بعدها أن المكعب والكرة وُضعا على طاولة، وجُعل الرجل مبصرا. سؤال؛ أيمكن ببصره، قبل لمسهما، أن يُفرق ويقول أيهما الكرة وأيهما المكعب.

بهذه الصيغة، جذبت مسألة مولينو اهتمام الكثير من الفلاسفة ورجال علم آخرين، مثل بيركلي ولايبنتز وفولتير وديدرو ولا ميتري وهيلمهولتز ووليام جيمس. بأي الطرق تطرقوا إلى المسألة؟

2- نقاشات القرن الثامن عشر الفلسفية بخصوص مسألة مولينو

في الوهلة الأولى، اعتبر الفلاسفة أن من المستحيل لرجل أكمه أن يكون قادرة على اكتساب النظر. اعتبروا مسألة مولينو نوعا من التجربة الفكرية، والتي يجب التعامل معها عبر الاستدلال وحده. وتعلقت الحجج التي طُرحت عادةً بالعلاقة بين الأحاسيس البصرية واللمسية أو الاعتبارات البصرية والحسية لهيئات الأغراض.

افترض كل هؤلاء الفلاسفة أن الأحاسيس البصرية واللمسية لغرض ما تختلف عن بعضها، لكن لم تكن هناك محاجة تتعلق بالعلاقة بين الاثنتين. اعتقد البعض، بيركلي على سبيل المثال، أن هذه العلاقة اعتباطية مبنية على التجربة وحدها. اعتقد آخرون مثل لي وسينغ بأنها ضرورية وتُدرك مباشرة، بينما اعتقد آخرون مثل مولينو ولوك بأنها ضرورية وتُتَعلم عبر التجربة. كما انقسمت الآراء أيضا فيما يتعلق بالعلاقة بين الاعتبارات البصرية واللمسية للأشياء. دافع بعض الفلاسفة عن موقف أن الاعتبارات البصرية والحسية للكرة تختلف من شخص لآخر، ويمكن لها أن ترتبط فقط عبر التجربة أو المنطق (دافع عن المنظور الأخير ريد). اعتقد آخرون أن الاعتبار البصري واللمسي للكرة هو نفسه في الواقع، أو يملكان شيئا مشتركا إما يُلاحظ مباشرة (باوليير وهتشيسون) أو بالمنطق (لابينتز).

يمكن للمرء استنتاج التالي، عبر البحث في ترابط المواقف المختلفة مع الأجوبة الممنوحة لـ مسألة مولينو: أجاب التجريبيون أمثال مولينو وولوك وبيركلي بالسلب. ومنح الفلاسفة الأكثر عقلانية مثل سينغ ولي ولابينتر إجابة توكيدية. بينما لم يكن هناك إجماعًا على حل بين آخرين لأن مسألة مولينو فُسرت بطرق مختلفة. اعتقد بعض الفلاسفة أن على الرجل الأكمه أن يجيب مباشرة، بينما امتلك آخرون رأيًا يقول بأن عليه أن يكون قادرًا على استخدام ذاكرته ومنطقه، وأن يكون حرًّا في رؤية الأغراض من كل جانب عبر المشي حولها. اعتقد بعض الفلاسفة بأن السؤال تضمن أن على الرجل أن يُعلَم مقدمًا بأنه سيُعرض عليه كرة ومكعب، بينما اعتقد آخرون بأنه لا يجب أن توفر له هذه المعلومة.

3- أول البيانات المختبرة

أخذ النقاش عن مسألة مولينو منعطفًا جديدًا حين نشر الجراح وعالم التشريح الإنجليزي وليام تشيسلدون (1688-1752) اعتبارا عما رآه شخص أكمه بعد أن أزيل الساد (عتامة عدسة العين) سنة 1728. قاد النشر الفلاسفة لئلا يعتبروا مسألة مولينو فكرة- تجربة ببساطة بعد الآن، وإنما كسؤال يمكن إجابته عبر الاختبار.

في اعتباره، ذكر تشسيلدون بأن حين أصبح الصبي قادرًا على الإبصار أول مرة، فإنه لم يعرف شكل الشيء ولم يستطع التفريق بين شيء وآخر، بغض النظر عن الشكل أو الحجم الذي كانت به الأشياء. اعتقد بعض الفلاسفة أن ملاحظات تشيسلدون لا شك فيها، وأنها أكدت نظرية أن الأكمه المستعيد لبصره لن يكون قادرًا على التمييز بين الأشياء، وأن عليه أن يتعلم الرؤية. معظم هؤلاء الفلاسفةكانوا نصراء لنظرية بيركلي عن الإبصار، يمكننا ذكر فولتير وكامبر والكبير كونديلاك كأمثلة.

إلا أن آخرون أمثال لا ماريتي، اعتبروا اعتبار تشيسلدون غامضا ككل في مضامينه. وأشاروا إلى أنه من المحتمل ألّا يتمكن الصبي من صنع حكم إدراكي فعّال لأن عيناه لم تكونا تعملان بشكل جيد. اقترحوا بأن ذلك قد يكون بسبب حقيقة أن عينيه لم تستخدما لفترة طويلة، أو أنهما لم تملكا وقتا كافيا كي تتعافيا من العملية. أشاروا بأنه من المحتمل أن تشيسلدون سأل الصبي أسئلة موجهة. كما اعتقد بعض الفلاسفة بأن نتيجة التحقيق اعتمدت على ذكاء المريض.

قدم هؤلاء الذين انتقدوا أهمية اعتبار تشيسلدون بتلك الطريقة (غالبهم من الفلاسفة الفرنسيين) أطروحات عن كيفية تجنب المشاكل المذكورة. اقترحوا بأن على المرء أن يُعد المريض بعناية للعملية وللتحقيق، وعليه أن يسمح للعينين بوقت للتعافي من العملية، وأن يمنح المريض الفرصة لتمرين عينيه في الظلام. علاوة على ذلك، عليه أن يتجنب طرح أسئلة موجهة.

كان بعض الفلاسفة أكثر راديكاليةً حتى في نقد عمليات كتلك التي قام بها تشيسلدون. فماريان على سبيل المثال، ذكرت بأن ملاحظات تشيسلدون، مثل كل الملاحظات للأناس العمي الذين أزيل الساد منهم، تطرح صعوبات لأن الساد لا يسبب عمى كاملا والعمى الكامل لا يمكن علاجه. إلا أنه لا يمكن الاستنتاج من هذا أنه لا يمكن حل مسألة مولينو مختبريا، إذ يمكن الاحتفاظ بأن المرضى الذين أُجريت لهم عملية الساد ذوي علاقة مباشرة مع حلها. هم غير قادرين على إدراك الهيئة قبل أن تُجرى لهم العملية، والمسألة الجوهرية المطروحة حين طرحت مسألة مونيلو هي القدرة على التفريق وتسمية الهيئات. تلك وجهة نظر أخذها الكثير من الفلاسفة.

4- التوجهات التجريبية في القرن التاسع عشر

حصلت عدة تطورات في حوالي 1800 والتي تبرر الحديث عن حقبة جديدة في تاريخ مسألة مولينو. نُشّرَت اعتبارات جديدة لمرضى أُجريت لهم عملية الساد، مما سلط ضوءًا جديدا على القضية. فبينما لاحظ تشيسلدون فقط ما شاهده مريضه في ظروف طبيعية نوعا ما، فإن أطباء العيون قاموا بتجارب أظهرت بأن مرضاهم قادرين على رؤية الهيئة، والحجم، والبُعد.. إلخ. وكان بعضهم، مثل فرانز وننيلي، مهتمين بـ مسألة مولينو خصوصا، وقاموا بتجارب بالكرة والمكعب الموصوفان. اتفقت بعض التقارير مع ذلك لتشيسلدون بينما تعارضت أخرى معه. إذ لم يكن بالمقدور مقارنة الحالات بتلك السهولة، بما أن ظروف ما قبل وبعد العملية اختلفت إلى حد كبير. وكما يمكن للمرء أن يتوقع، أُخذ بعين الاعتبار مقياس ممتد من الحلول الممكنة لـ مسألة مولينو.

كما بدأ الأخصائيون في الأخذ بالاعتبار الملاحظات المتعلقة بإبصار المولودين حديثا من الحيوانات والبشر حين مناقشة مسألة مولينو. افترض بعض هؤلاء الذين يعملون بحوثا في المجال، أمثال آدم سميث ويوهان ميولر، بأنه يمكن مقارنة بصر الحيوانات الصغار مع شخص جُعل مبصرًا. إذ تقترح حقيقة أن بعض الحيوانات ترى الأغراض من بُعد سرعان ما تولد، بأنه يمكن الإجابة على مسألة مولينو بشكل توكيدي. اتضح بأن هذه حجة قوية ضد نظرية بيركلي للرؤية. امتلك آخرون، توماس بروان على سبيل المثال، رأيا بأنه يمكن مقارنة السلوك البصري للرضع مع شخص أعمي أُجريت له عملية ليُبصر. كانوا مقتنعين بكلا الحالتين بأن على الإبصار أن يُعلّم، وأنه على مسألة مولينو أن تُجاب بالتالي بالسلب.

استخدم اكتشاف ويتستون، بأن إدراك الإبصار للبعد الثلاثي للمكان أمر فوري، كسبب للإجابة على سؤال مولينو بشكل توكيدي. كما اعتبر الاكتشاف اعتراض على نظرية بيركلي للرؤية.

استخدمت البيانات المتعلقة بإبصار المرضى الذين أُجريت لهم عمليات الساد وصغار الحيوانات والرضع كدليل في الجدل المتعلق بالسؤال عما إذا كان إدراك المكان شيء فطري أم مكتسب. وبالرغم من أن مسألة مولينو كانت قد نوقشت تكرارًا في هذا الجدل، إلا أنه لم يكن هناك اتفاق على الحل الصحيح لها.

5- توجهات حديثة

خلال القرن العشرين، كان الاهتمام الرئيسي بـ مسألة مولينو تاريخي. حلل كاتبو سير ومعلقون تعاملوا مع فلاسفة مشهورين الحلول التي اقترحها الفلاسفة. كما ظهرت مسالة مولينو تكرارا في الكتب والتاريخيات العامة لعلم النفس وطب العيون والفسيولوجيا العصبية، إلى آخره (وفي منشورات من مجالات متنوعة كالرياضيات والهندسة المعمارية والأدب والفنون والرياضيات كذلك). كتب القليل من المؤلفين تاريخيات موجزة وناقصة عن المسألة. إذ كتب ديغينار (1996) مسحا شاملا لتاريخ النقاش عن مسألة مولينو ووصف ريسكين (2002) مسألة مولينو في سياق أوسع للتنوير.

كما حاول فلاسفة وعلماء نفس وعلماء آخرون حل مسألة مولينو أيضا عبر صنع توجهات بديلة، قديمة وجديدة على السواء. فقد صنعوا على سبيل المثال اعتبارات عدة للتعافي من العمى المبكر. وكما هو متوقع، ثبتت بأنها معضلة وغير قاطعة كما سابقاتها في القرنين الثامن والتاسع عشر.

عولجت مسألة مولينو كذلك بطرق أكثر انقيادا للتحكم التجريبي مما هو ممكن في الدراسات الإكلينيكية، عبر تربية الحيوانات في الظلام تحديدا. إذ أظهرت تجارب حرمان الرؤية بأن هناك فترة حرجة خلال تطور النظام البصري تتعلق بعرض أنماط الضوء. خلال هذه الفترة، يمكن عكس التغيرات التي جلبها الحرمان. وإذا أُجل التعرض للضوء طويلا جدًا، فإن تطور آليات الإبصار الطبيعية سيكون صعبا للغاية، إن لم يكن مستحيلاً.

بالرغم من أن نتائج الحرمان لم تكن ذات علاقة بحل مسألة مولينو – افترض مولينو بأن لرجله الأكمه نظاما بصريًا جيدًا، بينما في الحيوانات المحرومة هو غير طبيعي – إلا أنها استخدمت كدليل على موقف لوك.

يتعلق توجه مختلف بـ مسألة مولينو باستخدام أجهزة بديلة، طورت في سياق حركة جسدية أو في القراءة (مورغان، 1977). اعتبر تعلم كيفية استخدام أجهزة البديل الحسي تقاربا جيدا لـ مسألة مولينو، بما أن أجهزة كهذه توفر معلومات تتولاها في العادة وسيلة واحدة، النظر إلى حاسة أخرى، كالسمع أو اللمس عادة، باستخدام صيغ ترميز غير مسبوقة للمستخدم. أظهرت التجارب بأجهزة البديل الحسي أن الأشخاص يحتاجون بعض الوقت لتعلم التفريق والتعرف على الأغراض، وفُسر هذا على أنه تأكيد على موقف مولينو ولوك. شدد بعض الباحثين على أن حقيقة الإعانة الحسية، على وجه الدقة، وسيلة جديدة، وأن تعلم استخدام أجهزة كهذه ما هو إلا مقاربة لـ مسألة مولينو، معتمدة كما تفعل على إثارة مسائل مشابهة.

اقترح إفانز (1985) تباينا آخرا عن مسألة مولينو. تساءل عما إذا القشرة البصرية لمريض أكمه يمكنها أن تتحفز كهربائيا بطريقة يختبر بها المريض أنماطا من الومضات الضوئية (phosphenes) على شكل مربع أو دائرة. حُقق بهذا السؤال تجريبيا، لكن لم توفر النتائج إجابة نهائية لـ مسألة مولينو (انظر جاكوموزي كاباو وبرونو 2003 للنقاش).

وحديثا، حاج غالاغر (2005، الفصل 7) أن علم النفس التطوري وعلم فسيولوجيا الأعصاب يقترحان بأن ردة فعل لوك لـ مسألة مولينو صحيحة ولكن لأسباب خاطئة.

أُجريت محاولة مباشرة نوعا ما للإجابة على مسألة مولينو تجريبيا خلال العقد الأخير. أحد أسباب أنه يمكن لـ مسألة مولينو أن تُطرح في المقام الأول هو ندرة الأشخاص الذين استعادوا بصرهم عقب عمى خلقي طويل. إذ قٌدّر بأنه لم يوجد سوى عشرين حالة في السنوات الألف الأخيرة (فالفو 1971). ففي البلدان الغربية جُل حالات العمى الخلقي القابل للعلاج يُكتشف في مرحلة الرضاعة ويُعالج بأقرب وقت ممكن. بيد أن العديد من الأطفال في الدول النامية والذين ولدوا عميانا لا يتلقون علاجا بالرغم من أن حالاتهم قابلة للعلاج، وذلك بسبب الخدمات الطبية القاصرة. في 2003، أعد باوان سينها برنامجا في الهند، وكجزء منه عالج خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين الثامنة والسابعة عشر، وأخذهم بشكل فوري تقريبًا من عمى خلقي كامل إلى إبصار كامل. وفر هذا فرصة للإجابة على مسألة مولينو تجريبيا. فبناء على هذه الدراسة، استنتج بأن من المرجح أن الإجابة على مسألة مولينو ستكون بالسلب. فبرغم تمكن الأشخاص عقب استعادة البصر من التفريق بين الأشياء بصريا بنفس الكفاءة التي يفعلونها باللمس وحده، إلا أنهم لم يقدروا على أن يشكلوا رابطا بين الغرض المدرك بالحاستين المختلفتين. فبالكاد كانت نتائج اللمس للنظر أفضل من لو أن الأشخاص خمنوا. إلا أن تخطيطا متجاوزا الحواس تطور سريعًا وفي غضون بضعة أيام (مجموعة هيلد، 2011).

إن أخذ مسألة مولينو كعنقود من مسائل أصغر2 أو توليد نسخ مختلفة من مسألة مولينو لهي نزعة مثمرة (مثل غليني، 2012 وماثين وكوهين، 2017).

6-الخاتمة:

يُظهر تاريخ القضايا المحيطة بـ مسألة مولينو أن الإجابة على السؤال ليست سهلة كما توقّع مولينو بأنها ستكون. وعلى العكس من ذلك، فلم يكن هناك مسألة في تاريخ فلسفة الإدراك قد استثارت تفكيرًا أكثر من المسألة التي طرحها مولينو سنة 1688. وبهذا المعنى، فإن مسألة مولينو من أكثر التجارب الفكرية المثمرة على الإطلاق في تاريخ الفلسفة، وهي لا تزال تأسر العقول اليوم تمامًا كما فعلت حين صاغها مولينو بادئ الأمرِ قبل أكثر من ثلاثةِ قرون.


المراجع

  • Cassirer, E., 1955, The Philosophy of the Enlightenment(Chapter 3: Psychology and Epistemology), Boston: Beacon Press.
  • Cheselden, W., 1728, “An Account of some Observations made by a young Gentleman, who was born blind, or lost his Sight so early, that he had no Remembrance of ever having seen, and was couch’d between 13 and 14 Years of Age”, Philosophical Transactions, 402: 447–450.
  • Degenaar, M.J.L., 1996, Molyneux’s Problem: Three Centuries of Discussion on the Perception of Forms, Dordrecht: Kluwer Academic Publishers.
  • Degenaar, M.J.L., and G.J.C. Lokhorst, 2010, “The Molyneux Problem”, in Savonius-Wroth, S.J., Schuurman, P., Walmsley, J. (eds.) The Continuum Companion to Locke, London and New York: Continuum, 2010, pp. 179–183.
  • Diderot, D., 1749, Lettre sur les aveugles, à l’usage de ceux qui voient, edition critique par Robert Niklaus, Genève: Librairie Droz, 1951.
  • Evans, G., 1985, “Molyneux’s Question”, in Gareth Evans: Collected Papers, A. Phillips (ed.), Oxford: Clarendon Press.
  • Gallagher, S., 2005, How the Body Shapes the Mind, Oxford: Clarendon Press.
  • Glenney, B., 2013, “Philosophical Problems, Cluster Concepts and the Many Lives of Molyneux’s Question”, Biology & Philosophy, 28(3): 541–558.
  • Held, R., and Y. Ostrovsky, B. Degelder, T. Gandhi, S. Ganesh, U. Mathur, and P. Sinha, 2011, “The newly sighted fail to match seen with felt”, Nature Neuroscience, 14: 551–553.
  • Ibn Tufail, 1671, Philosophus autodidactus, sive, Epistola Abi Jaafar ebn Tophail de Hai ebn Yokdhan, edited and translated by E. Pococke, Oxford: H. Hall.
  • –––, 1674, An Account of the Oriental Philosophy, shewing the wisdom of some renowned men of the East, and particularly, the profound wisdom of Hai Ebn Yokdan, translated by G. Keith, London.
  • –––, 1708, The Improvement of Human Reason, Exhibited in the Life of Hai ebn Yokdhan, translated by S. Ockley, London: E. Powell.
  • Jacomuzzi, A.C., and P. Kobau, and N. Bruno, 2003, “Molyneux’s question redux”, Phenomenology and the Cognitive Sciences, 2: 255–280.
  • Leibniz, G.W., 1765, Nouveaux essais sur l’entendement humain, Amsterdam, Leipzig, Rudolf Erich Raspe. Paris, Garnier-Flammarion, 1966.
  • Locke, J., 1688, “Extrait d’un Livre Anglois qui n’est pas encore publié, intitulé Essai Philosophique concernant l’Entendement, où l’on montre quelle est l’étenduë de nos connoissances certaines, & La manière dont nous y parvenons”, Bibliothèque Universelle & Historique, 8: 49–142, Amsterdam: Chez Wolfgang, Waesberge, Boom, et Van Someren.
  • –––, 1693, Letter to William Molyneux, 28 March, in The Correspondence of John Locke(9 vols.), E.S. de Beer (ed.), Oxford: Clarendon Press, 1979, vol. 4, no. 1620.
  • –––, 1690, An Essay Concerning Humane Understanding, London, printed by Eliz. Holt, for Thomas Basset. Second edition 1694. Fourth edition 1700, edited with an Introduction by P.H. Nidditch, Oxford: Clarendon Press, 1975.
  • Molyneux, W., 1688, Letter to John Locke, 7 July, in The Correspondence of John Locke(9 vols.), E.S. de Beer (ed.), Oxford: Clarendon Press, 1978, vol. 3, no. 1064.
  • –––, 1693, Letter to John Locke, 2 March, in The Correspondence of John Locke(9 vols.), E.S. de Beer (ed.), Oxford: Clarendon Press, 1979, vol. 4, no. 1609.
  • Morgan, M.J., 1977, Molyneux’s Question: Vision, Touch and the Philosophy of Perception, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Riskin, J., 2002, Science in the Age of Sensibility: The Sentimental Empiricists of the French Enlightenment, Chicago and London: The University of Chicago Press.
  • Russell, G. A., 1994, “The impact of the Philosophus Autodidactus: Pocockes, John Locke, and the Society of Friends”, in G. A. Russell (ed.), The ‘Arabick’ Interest of the Natural Philosophers in Seventeenth-Century England, Leiden: Brill, pp. 224–265.
  • Senden, M. Von., 1932, Raum- und Gestaltauffassung bei operierten Blindgeborenen, Leipzig: Barth. Translated by P. Heath: Space and Sight: The Perception of Space and Shape in the Congenitally Blind Before and After Operation, London, Methuen, 1960.
  • Simms, J.G., 1982, William Molyneux of Dublin: A Life of the Seventeenth-Century Political Writer & Scientist, Blackrock: Irish Academic Press. Edited by P.H. Kelly.
  • Valvo, A., 1971, Sight Restoration after Long-term Blindness: The Problems and Behavior Patterns of Visual Rehabilitation, New York: American Foundation for the Blind.

أدوات أكاديمية

How to cite this entry. Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society. Look up this entry topic at the Indiana Philosophy Ontology Project (InPhO). Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر إنترنت أخرى

مدخلات ذات صلة:

Berkeley, George | Condillac, Étienne Bonnot de | Diderot, Denis | Helmholtz, Hermann von |James, William | Leibniz, Gottfried Wilhelm | Locke, John | perception: the problem of | Reid, Thomas | Smith, Adam: moral and political philosophy | thought experiments | Voltaire


 

[1] Degenaar, Marjolein and Lokhorst, Gert-Jan, “Molyneux’s Problem”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2017 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2017/entries/molyneux-problem/>.