مجلة حكمة
لماذا من السيء أن أكون فاسدا - ‎بول بلومفيلد / ترجمة: سارة الصمعان

لماذا من السيء أن أكون فاسدا – ‎بول بلومفيلد / ترجمة: سارة الصمعان

9780195305852
فصل من كتاب “morality and self-interest”

ربما ينشطر السؤال الدائم حول العلاقة بين الأخلاق والمصلحة الشخصية إلى جزئين هما‫:  هل من الجيد أن يكون المرء صالحًا أم لا، وهل من السيء أن يكون المرء فاسدا أم لا.1 في النهاية، السؤال السابق أكثر تعقيدًا وضبابية من لاحقه ولذا لن يكون محورًا لحديثنا‫. سنركز هنا على التحدي الهائل حقا في إيضاح مسألة‫ ‎لماذا من السيء أن أكون فاسدا .

 قد يكون هذا السؤال ‫” ‎لماذا من السيء أن أكون فاسدا ؟ ‫” مكررًا أو رديء الصياغة‫2‫.  أما لماذا يبدو مكررًا، فلأن من المنطقي الاعتقاد بأن كل فساد بالضرورة سيئ، وعليه بالطبع تصبح المسألة إنه من السوء أن يكون المرء كذلك‫. وربما يبدو هذا السؤال مشّوها لأن من يطرح ‫” لماذا من السيء أن أكون فاسدا ؟” سيفشل بفهم الكلمات المستخدمة‫. حيث وبشكل عام، إذا كان شيء ما ‫”س‫” فلا يمكن أن يفشل بأن يكون ‫”س‫”.  في هذه الحالة‫، سيبدو لنا وكأن هنالك خطأ في السؤال نفسه، أو القدرات اللغوية للسائل‫.  ومع ذلك، يتضح لنا أن سؤال ‎”لماذا من السيء أن أكون فاسدا ؟ ‫” سؤال جيد، قطعًا إنه سؤال مهم، إذا تم التعامل معه على أنه إضمار‫ ناقص.

 من الأرجح أن يصدر هذا السؤال من جدال عن المبررات الأخلاقية في سبيل دحض‫”ضررها الافتراضي‫” الذي يؤثر على المصلحة الشخصية‫.  وبتساؤلنا يبرُز لنا ما يبدو منطقيا، على أمل أن يكون قابلاً للدحض. كسؤالنا “لماذا لا أنتفع من هذا التصرف الظالم؟ ‫”. ربما يصور طرح تلك الأسئلة ‫”المنفعة‫” على أنها أي مصالح شخصية مدركة للسائل مهما كانت، وأن التصرفات التي يُعتقد بأنها ظالمة إلى حد ما، هي ما تحرمها النظرية الأخلاقية التقليدية. إن تشكيل مثل هذه القضايا دون خلق افتراضات تتعلق بالمصلحة الشخصية للفرد أو ما تتطلبه الأخلاق على السواء هي جزء من المشكلة. فمن المنطقي‫-على الأقل‫- أن نعتقد بأن الفطرة السليمة تفترض المنهج التخطيئي المتعلق بقدرة أعضاء ‫ (الإنسان العاقل‫)  على العلم بالمصلحة الشخصية والأخلاق. والطريقة المحايدة لطرح هذا النقاش بإيضاح العلاقة المناسبة‫-أيّا كانت تلك العلاقة- بين الأخلاق والمصلحة الشخصية- أيا كانا. وبالنظر لهذا النوع من الجدل فالسؤال يبدو مثاليًا عند طرحه، ليملأ فراغاته بأحكام العلاقة بين الأخلاق والمصلحة الشخصية، فإن سأل أحدهم لماذا من السيء أن أكون فاسدا ، فمن المهم أن يسأل أيضًا، لماذا من السيئ لي‫” بأخذ كل الأمور بعين الاعتبار‫” أن أكون فاسد الخلق؟‫

تبدو شمولية هذه العبارة ‫”كل الأمور بعين الاعتبار‫” جوهرية ‫( رغم أنها تستبعد أحيانًا‫). يعتقد البعض أن هناك إشكالية في وجهة النظر لفكرة “كل الأمور بعين الاعتبار”، لأن  يبدو لهم أن تعددية القيم التي يحاول المرء جمعها في منظور فردي هو أمر قد يتعذر قياسه‫، لذلك هناك مشكلة في إقحام مثل هذه العبارة ‫”كل الأمور بعين الاعتبار‫”. 3 وبما أن هناك مشاكل محتملة فيما يتعلق بالقياس العقلاني للقيم المختلفة، فبالإمكان تجنب هذه المشاكل بالتركيز على مشكلة محايدة قياسية وعملية بالوقت نفسه، حول كيفية النجاح فعليا باتخاذ قرارات حياتنا فيما يجب علينا عمله‫. هذا هو المقصود بعبارة ‫” كل الأمور بعين الاعتبار‫” وهو رأي تبناه الناس عند مواجهتهم لمصاعب القرارات العملية في حياتهم، والتي يجب  عليهم اتخاذها وما يتطلب منهم فعله أو عدم فعله أو عندما يحددون ما يفعلون عبر تشاورات معرّضة للخطأ حول كل الجوانب المتعلقة والمتاحة للمشكلة‫.  وفي تلك  الحالات حين  تؤخذ ‫” كل الأمور بعين الاعتبار‫”، يتخذ الناس قرارات بأفضل ما يستطيعون بحيث (هذا وليس ذاك) هو ما سيتم عمله.‫ وحتى التأمليين بالمثل يتخذون قرارات أحيانا حول كيف يتمنون أن يعيشوا حياتهم، ويقررون أي نوع من الأشخاص يودون أن يكونوا، وفي قيامهم بهذا قد يريدون معرفة ما هو الأنسب لهم حين تكون كل الاعتبارات المتعلقة بالأمر جليّة‫. بعبارة أخرى، يريدون أن يعلموا ما هو الأفضل لهم إذا أخذت كل الأشياء بعين الاعتبار‫. وكبديل، يمكننا أن نتساءل ما إذا كان أمرًا ما سيئًا للفرد، إذا أخذت كل الأمور بعين الاعتبار، وإن كان كذلك  فمن العدل أن نقول أنه مضر بمصلحة الفرد الشخصية. فعندما يسأل الناس ‫” ‎لماذا من السيء أن أكون فاسدا؟‫” فإنهم يريدون معرفة الضرر الناتج من تصرفهم بشكل لاأخلاقي، بكونهم لا أخلاقيين، إذا أخذت كل الأمور بعين الاعتبار‫.

تقليديا، هناك نوعين من الأجوبة لسؤال ‎لماذا من السيء أن أكون فاسدا ؟ الإجابة الأولى أن ذلك ليس سيئا في الواقع، ليس هناك ضرر أن تكون لا أخلاقيا‫. تأتي مثل تلك الإجابة بشرط أن ذلك الفرد لن يقبض عليه أو يعاقب لكونه فاسدا‫4‫ .، تمنح تلك الإجابة من الأفراد الذين يعتقدون أن السبب الوحيد لكونك حسن أخلاقيا، هو بسبب أن معظم الفاسدين يعاقبون في نهاية الأمر على سوء أخلاقهم، وفي حقيقة الأمر، معظم الناس أفضل حالاً بحُسن أخلاقهم‫. أولئك يعتقدون أن شجرة الغار الخضراء تُزهر أحيانا‫.  يمضي أغلبهم للاعتقاد بأن الفرد حينما يكون أقوى من الجميع لن يقدر أحد على إيذاءه أو معاقبته، وهذا الفرد لن يكون بحاجة لأن يكون خلوقا‫، فإلى جانب ضرر العقاب، ليس هناك من ضرر يصيب المصلحة الشخصية للفرد بكونه سيء الأخلاق‫. يمكن أن نجد الآراء التي تنتسب لهذه الفصيلة المتميزة في أفكار وكتابات تراسيماخوس، كاليكليس، إبيقور، ميكافيللي، هوبز، هيوم‫.، نيتشه، ومن المعاصرين، غوته وغيره من منظّري الخيار العقلاني.5 ومن أجل تبسيط ذلك يمكننا أن نطلق عليها ‫” رأي تراسيماخوس‫” ‫.

‎الإجابة التقليدية الثانية لذلك السؤال بأن هناك ضرر في الواقع على الإنسان بكونه سيء أخلاقيا، على سبيل المثال، احتج سقراط في ‫(غورجياس‫) بأن السوء الذي يلحق الفرد بإيذائه للأبرياء أسوأ مقارنة بالذي وقع على أولئك الأبرياء، بيد أن المحاجة لا تفصح عن الضرر الناتج من إيذاء الآخرين وتوضيح الأمر بات معضلة تقليدية‫.

‫ في نهاية حوار ‫(غورجياس‫)  يجعل أفلاطون سقراط يناشد حول مسألة الثواب والعقاب في الآخرة‫.  وشاع أنه حاول أن يعطي جوابا مختلفا في ‫(الجمهورية‫) فيما يتعلق بـ ‫” التناغم النفسي‫” لكن من المتفق عليه عموما أن المجاز لم يحظى بذاك النجاح‫. ثم قام بمحاولة أخرى- ربما أفضل‫-رغم عدم شهرته وتأخره‫، وذلك باستطراد في أحد محاوراته ‫(الثئيتيس ‫- ١٧٦أ، ١٧٧ب‫) والتي فلنسميها ‫”وجهة نظر سقراط‫” حيث يدّعي في جلّها أن هناك ضررا بكونك فاسد أخلاقيا. إن هذا المقال الحاضر يقع ضمن هذا التقليد.

يلحظ في الحوار بين وجهة نظر تراسيماخوس وسقراط، أن هناك مشكلة تتكرر في معاني المصطلحات داخله، فكل جانب يظهر أنه يتجاوز الآخر باستخدامه مصطلحات مثل ‫”الأخلاق‫” و ‫”اللا أخلاق”. ولذا من الأفضل تجديد الحوار بالاتفاق على استعمال محايد لهذه المصطلحات‫.

لكلمتي ‫”الأخلاق‫” واللا أخلاق‫” دلالات ومضامين عدة‫، وغالبا ما يجري هو أن تُلتمس الأسئلة على مستوى معياري‫ عندما يكون الحوار تحت ضغط ما إذا كان من المضر أن يكون المرء لا أخلاقيا، فحين نمنح أجوبة من السائد أن نفترض أن محتوى نظرية خلق معين لا يتبناها بالضرورة أولئك المعارضين لضرر اللا أخلاقية. كلا الجانبين يفترِض تباين المظهر/الواقع، كلاهما يعتقد أن الآخر يرى المظاهر فقط. على سبيل المثال تراسيماخوس الذي يعتقد أنه قد يُفهم من أنه ليس من السيء أن تكون فاسدا ، أن كونك صالح الخلق هو “للخراف” و”المغفلين “وليس حقيقيا أنه يصب في مصلحة الفرد. وبالنظر لمفهومه حول ما هو “في مصلحة الفرد حقيقة” ما ندعوه ” أخلاق” أو “لا أخلاق” فهو محدد من قبل أصحاب القوة لأجل خدمة المصالح الحقيقية لهؤلاء الأقوياء.6 وعندما يصف تراسيماخوس حياة اللا أخلاق يدرك أن معنى الأخلاق واللا أخلاق راسخة تقليديا. وتأتي فقط مع اللاشرعية بمجرد ارتباطها بالسلطة التقليدية. وفي رفضه للأخلاق يرى تراسيماخوس نفسه رافضا للسلطة اللاشرعية القياسية للمجتمع التقليدي. فقد اشتهر بأنه يرى أن ” الأشخاص الأذكياء والصالحين” يرفضون الأخلاق (٣٤٩د). أما في الجانب الآخر، يضع الذين يدافعون عن الأخلاق أحيانا افتراضات حول المصالح الشخصية، و” الأخلاق” في حوارهم حول ” الأخلاقية‫” و “اللاأخلاقية”. وفي بعض فهم “الأخلاقية”، قد لا تعد نظرية تصف مكانة الأنوية العالية على أنها نظرية أخلاقية، بالرغم من كونها متعلقة بها.7 ونتيجة لهذه الافتراضات القياسية ينتهي الأمر بأن تُلتمس هذه الأسئلة التنظيرية في كلا جانبي الجدل.

‎نستطيع أن نؤسس الحوار بشكل محايد عن طريق التمييز بين معنيين للأخلاق، معنى وصفي، ومعنى قياسي‫.8 المعنى الوصفي للأخلاق يعاكسه أي أمر ‫” لا أخلاقي‫”. حيث يتحكم المعنى هنا في نقاش عملاء أو نظريات الأخلاق عندما تصاغ ضد طبقة اللاأخلاقية المغايرة‫؛ أي الأطفال والمجانين ليسوا عوامل أخلاقية، بينما المجانين البالغين ‫(تقريبا‫) من هم فوق مستوى الذكاء الأدنى يعدون عملاء أخلاقيين مسئولين؛ وبذا فإن النظرية الكمية نظرية لاأخلاقية بينما تُعد الأنوية الأخلاقية والواجبات نظريات أخلاقية‫. في حين المعنى القياسي على الصعيد الآخر، هو الذي تناقض فيه الأخلاق اللا أخلاق‫. وبهذا المعنى نقوم بخلق تفريق قياسي بين هذه النظريات والتي نطلق عليها وصفيا ‫” نظريات الأخلاق‫”، وندعي أنها واحدة من تلك النظريات التي تعد قياسيا أكثر النظريات خلقا وأفضلية وصدقًا‫. ‫( بالمعنى الوصفي‫). النظرية الأخلاقية الحقيقية (مهما كانت) تُقبل من قبل أولئك الصالحين حقيقة‫. (أيا كانوا). في حين النظريات الأخلاقية الوصفية الأخرى سيئة، بدرجة أو أخرى، وتؤدي إلى الانحلال، أو هي في حد ذاتها غير أخلاقية‫.  إذا وبالمعنى الوصفي للخلق، نظريات الأخلاق السيئة أو النظريات التي تؤدي إلى وصف الانحلال لا تزال نظريات أخلاقية. وبالمعنى القياسي، النظريات التي تصف الانحلال ليست نظريات أخلاقية على الإطلاق. أي في المعنى القياسي، التخلق بالسوء هو انعدام للأخلاق، بينما في المعنى الوصفي‫:  عندما يتخلق الفرد بأخلاق سيئة فهو عامل أخلاقي بالوقت نفسه، حيث يعدون العملاء اللا أخلاقيين ‫” عملاء أخلاقيين” مسئولين. في المحصلة، العملاء اللا أخلاقيين قياسيا هم عملاء أخلاقيين سيئين وصفيا‫.

إذا من المنطقي أن نقول هنا، بالمعنى الوصفي، أن رأي تراسيماخوس يمثل نظرية أخلاقية‫.9‫ يمكننا تجنب طرح أي أسئلة ضد رأيه على المستوى القياسي بتركها مفتوحة كما هي، وهل لدى تراسيماخوس نظرية سيئة، غير أخلاقية، وضارة، أو من جانب آخر، نظرية أخلاقية جيدة، و مفيدة‫. بالنظر للمعنى الوصفي لمصطلح الأخلاق، فإن تراسيماخوس وسقراط لديهم نظريات أخلاقية‫. والحوار متقدم من خلال محاولة تحديد ماهي النظرية الأخلاقية (وصفيا) التي تعتبر جيدة (قياسيا)‫. وماهي النظرية السيئة (قياسيا)‫ التي يجب أن يقبلها الشخص، بأخذه كل أمر بعين الاعتبار، ومالتي يجب تجنبها‫” بأي ثمن‫”. يمكن تصوير الوضع وكأن  تراسيماخوس وسقراط يقفان على طرفي متقابلين من طيف نظريات أخلاقية وصفية يوسم أحد طرفيها بـ ‫” نظريات أخلاقية جيدة‫” والآخر بـ ‫” نظريات أخلاقية سيئة‫”؛ إن الجدل هنا حول من تنتمي نظريته لأحد هذين الطرفين.أو ربما يتصور أحد أن تراسيماخوس وسقراط يقف وكل مولٍ ظهره للآخر ويشير أمامه مناديا بأن على الإنسان أن يسلك الاتجاه الذي يشير له‫. نحتاج لطريق أخلاق مستقيم، ودرب واحد من اثنين سيكون صحيحا‫. والحاجة لتحديد من على خطأ ومن على صواب، هو التزام يتفق الجميع بأنه متعلق بما هو سيء للإنسان‫. والذي  قد يظهر أن واحدة من تلك النظريات الأخلاقية سيئة للناس‫، كأفراد، مع أخذ كل الأشياء بعين الاعتبار.

الجواب المقدّم هنا هو أن نظرية واحدة فقط من هذه النظريات تجعل الأمر ممكنًا، من حيث المبدأ، أن يكون لديك احترام الذات (معنى “احترام الذات” سيتم مناقشته أدناه). من حيث المبدأ من الصعب أن نتصور إنسانا ينكر أن طريقة الحياة التي تجعل من احترام الذات أمرًا مستحيلا، يمكن أن تكون أي شيء إلا أن تكون سيئة للفرد‫. ، إذا أخذت كل الأمور في الاعتبار. السعادة، أو الحياة الهانئة، مهما كان مسماها، تتطلب احترام الذات‫.  وإنكار ذلك لا يبدو مستحيلا، وسوف يكون هناك رد على هذا الإنكار أدناه‫. والخلاصة المهمة بأنه لو عاش الفرد وفقًا لنظرية تراسيماخوس الأخلاقية، فإنه سيحرم من الحصول على احترام ذاتي‫،  متبنيا أسلوب حياة لا أخلاقي‫، كالذي يوصف بشكل مثالي أنه ظالم، وستكون تعاملاته غير عادلة مع الناس ومؤسسا سيكولوجية أخلاقية ‫(في المعنى الوصفي للأخلاق‫) مما يصيغ عبارة ‫” منقسمة على ذاته” بطريقة تمنع ذلك الشخص أيضًا من التمتع باحترام الذات‫. دعونا الآن نبدأ بمناقشة هذه الخلاصة‫.

إن الاستراتيجية أفلاطونية، إذا ما تصورنا أفضل سيناريو لحالة شخص لا أخلاقي، يفلت عاقبة هذه اللا أخلاقية، فإننا نستفسر حول ما إذا كان الفرد اللاأخلاقي آذى نفسه أو آذت نفسها، بغض النظر عن إمساكه أو عدمه من قبل الآخرين‫.  ما نتصوره كنموذج للاأخلاقية هو أن يتصرف أحد بدقة تجاه منافعه الشخصية، بنية توسيعها‫.  وهذا ما أقوله في أن يعيش الفرد النظرية التي تبناها تراسيماخوس تماما‫. فمثل هؤلاء الناس يحاولون كسب اليد العليا رغما عن الجميع، متى ما كان ذلك ممكنا (٣٤٩ ج). هذا الشخص يمكن أن يسمى “جشعا‫” استنادا إلى المفردة اليونانية “الطمع”، وهي ما تترجم حرفيا “الحصول على المزيد”، على الرغم من أنه غالبا ما تترجم بصورة رديئة لـ “الطمع” أو “النهم”. بلونكسيا هو المقابل اليوناني للدايكايوسين كما في العصبية نقيضا لضبط النفس‫.

‎دايكايوسين ترجمت قديما للـ ‫” العدالة‫” ولهذا السبب يُظن بـ ‫(الجمهورية‫) أنها عمل لنظرية السياسة‫. لكن لاحظ عدد من علماء الفلسفة اليونانية أن الدايكايوسين أقل شرعية وأوسع من فكرتنا عن العدالة ومطابقة لجميع تفاعلاتنا مع الآخرين ومأخوذة بفكرة ‫” التعاملات الصحيحة والعادلة مع الآخرين‫.10 إن بعض الفهم للأخلاق عرضة لأن يترجم دايكايوسن لـ‫” الأخلاق‫”. 11 لا يتعامل الجشعون بعدل مع الآخرين، يحاولون أن يحصلوا  ‫” على أفضل” ما في الآخرين ، أو ‫” يضعون نفسهم موضع تفوق‫” ‫( الجمهورية ٣٤٩ب‫). حينما تقسم الموارد بين الجميع، فهم يريدون أكبر قدر ممكن‫. ومثل كل الصفات الشخصية، يأتي الجشع على درجات ولكن تكون أكثر أشكاله تطرفا حينما يصبح ‫” الجشعين‫” على استعداد للقيام ‫” بما يلزم‫” للحصول ‫” على ما يريدون‫” مقيدين فقط بخوفهم من العقاب‫، ولا يجري في تفكيرهم أنهم يتلاعبون بالآخرين كرهائن أو أدوات لمخططاتهم الخاصة، وأفعال خيانتهم وعدم إخلاصهم‫. في الواقع، مثل هذا السلوك هو طريقة عملهم النموذجية‫. يعتقد تراسيماخوس بأن ‫هذا ما سيفعله” الأذكياء والصالحين”.

من الأهمية أن نرى أن الجشع يأتي بدرجات، والنقاش المعطى أدناه يهدف لتغطية حالات كل الدرجات، والخلاصة أن درجة لاأخلاقية الفرد هي درجة مدى تضرر احترامه الذاتي‫. لذا يهدف النقاش لحصر أضرار اللاأخلاقية التي نتجت من تصرفات انحلالية‫. والضرر الناتج عن الفساد قد يكون متناسبا مع شدته وتواتره‫. واتباعا لأرسطو‫. ربما نلاحظ أن حصول أمر جيد لا يعني تحسن الوضع‫. ونخلص إلى أن أفعال صغيرة ومتباعدة من الفساد، لن تدمر الحياة‫. وقد يستسلم الفرد بين الحين والاخر في حياته لإغراء أن يتفوه بأمر جارح أو ربما قاسي، دون أن تتدمر حياته‫. في الجانب الاخر، تعذيب طفل من أجل المرح يمكن أن يكون دلالة على أن سيكولوجية الفرد منحرفة، وأن حياته لا يمكن أن تكون حياة جيدة ومثيرة للإعجاب والحسد‫، بغض النظر عن الأفعال الطيبة التي يقدمها‫.12 وكما أن الجشع مألوف كخصلة من خصال الفرد ‫( على الأقل في الحالات الأدنى خطورة‫)، كتب القليل حول سيكولوجية الأخلاق للجشعين‫‫ من منظور إيجابي.13 ومن حسن الحظ أن هناك أعمال أدبية قليلة حول خصلة أخرى شبيهة بالجشع كصفة للناس الذين يعتقدون أنهم يستحقون أكثر من الآخرين، ألا وهي الغطرسة‫.  المتغطرسين عادة يظنون أنهم يستحقون احتراما أكثر من غيرهم ومعاملة أفضل من الآخرين‫.  ولحد ما يظهر ذلك صحيحا فهم مذنبون بـ ‫” خداع ذواتهم‫” بصورة مضاعفة، إنهم يحكمون على أنفسهم بتساهل، ويأخذون دوافعهم على أنها دوافع عن الواجب‫.14

قبل أن نفصل هذين النوعين من خداع الذات، من الضروري أن نشرح معنى ‫” خداع الذات‫”. أتبع تقريبا التحليل المعطى من قبل روبرت أودي، حينما يكون الفرد مخدوعا ذاتيا بحقيقة موضوع ما، حتى لو علم الفرد الذي يؤكد الحقيقة، بأن لديه سبب جيد للإيمان بأنها خاطئة، فإن تملكه رغبة متزامنة بأن يكون الإيمان حقيقيا هو السبب في أن الاعتقاد بأنها خاطئة لم يعط أي مصداقية أو اهمالها تماما‫.15‫ لذلك لو أدرك شخص ‫( بوعيه أو بدون وعيه‫) أن هناك من يملك سببا ليكذّب الموضوع الذي يريد فرد آخر أن يؤمن به، فإنه سيتجاهل بالتالي هذ الدليل ‫( بوعيه أو بدونه‫) وربما عواقبها غير المرغوبة، وبذلك يتشكل خداع الذات حول حقيقة الموضوع‫.

‎يمكن أن نميز بين نوعي خداع الذات المدرج داخل الغطرسة بملاحظة أنهما يحكمان على أنفسهما بتساهل. فمن ناحية، المتغطرسون يتغافلون عن الضعف وأوجه القصور لديهم‫ ويتجاهلون فشلهم وعجزهم‫، بينما يضخمون قصور وضعف وفشل الآخرين‫. وفي الجانب الآخر، يضخمون جودة وقيمة أدائهم، ومساهماتهم بينما يبخسونها لدى الآخرين‫. الطريقة الوحيدة لرؤية هذا الفشل، هو ألا يحكم عليه الفرد تبعا للحالة، فالمتغطرسون لا يحكمون على الحالات بشكل مفاجئ‫. بل هم يحكمون مسبقا على أنفسهم، معتقدين بأن أفعالهم أفضل من الآخرين فقط لأنها صدرت منهم‫. لذا يقبع تحت أحكامهم إيمان بأنهم أفضل وأكثر تفوقا من غيرهم‫16‫.

أما النوع الثاني من خداع الذات للمتغطرسين هو أنهم يخدعون أنفسهم بالإيمان أن لأحكامهم نزاهة أخلاقية‫. يأخذون إرادتهم الشخصية ويحكمونها لتكون متناغمة مع القانون الأخلاقي، لذا يسبغون سلطة كاذبة على مبادئهم ورغباتهم الخاصة‫. وهذا ما يجعل الغطرسة رذيلة أخلاقية‫. فالمتغطرسين يعتقدون أن لأحكامهم صلاحية موضوعية، في حين أن هذه الأحكام ليست سوى إسقاط لرغبتهم كي يرضوا عن ذواتهم‫. يرى المتغطرسين أن لأجندتهم الخاصة استقامة أخلاقية. هذا الفهم الخاطئ يمكن توضيحه بشكل ملائم، في حوار إيوثيفرو: يحتالون على أنفسهم بالاعتقاد أن احتياجاتهم ورغباتهم تتشكل وفقا لما هو صواب وصحيح، وفي الواقع، أن ما يعتقدون أنه صائب وصحيح يتشكل وفق ما يريدون ويرغبون. فهم يدّعون بشكل حرفي أن لإراداتهم الأخلاقية سلطة واستقامة‫.

يهتم المتغطرسون بصورتهم الشخصية على الدوام ويحافظون على إحساسهم المنفوخ باحترام الذات عبر المطالبة باحترام أكثر مما يمنحونه للآخرين، فهم يريدون أكثر من نصيبهم المستحق من الاحترام. وسلوكهم المتغطرس ‎تعبير عن رغبتهم بأن يراهم الآخرين وليروا أنفسهم كمتفوقين ومستحقين للاحترام أكثر من أي شخص آخر‫.  في الواقع، المتغطرسين لا يطالبون باحترام صادق للذات، مادام هدفهم مما يسمى احترام الذات هو صورة مزيفة لما هم عليه ومكانهم في العالم‫.  فهم لا يحترمون أنفسهم بقدر ما يحترمون الصورة التي يتمنون أن يكونوا عليها‫.

تفتقر حياة المتغطرسين النفسية للنزاهة بقدر ما يفشلون باستمرار في الحكم على أنفسهم والآخرين‫. فيرفضون للآخرين ما يطالبون به لأنفسهم‫.، وتعد هذه المطالبة والرفض بلا مبرر‫، وبقدر ما ذلك حقيقي، لا يستطيع المتغطرسين توحيد كافة أحكامهم بوحدة متسقة. ويجب تقسيم مبررات أحكامهم الأخلاقية على الآخرين بمبررات أحكامهم الأخلاقية على أنفسهم، والدرجة التي تجعلهم يخفون حقيقة هذه الأحكام عن أنفسهم، ولا يدخل كل ذلك ضمن وحدة متسقة. يمكن تحصيل الاتساق فقط من خلال العقلنة غير المبررة‫

(“”Self-Deception, Rationalization, and the Ethics of Belief,cf. Audi) وكما يقول أوسكار وايلد “النفاق هو ولاء تدفعه الرذيلة للفضيلة.”*

من الجدير ذكره، كم هو عظيم مصدر‫” الشر‫” في الغطرسة لدى فكر كانط ‫.17‫ ففي محاضرات عن الأخلاق

‫ ( ‫Schneewind and Health,216)  ادعى بأنها نزعة إلى الشر، وفي in Religion within the Limits of Freedom Alone (VI 36; Wood and diGiovanni, 66 –67), ‎ يسميها جذر الشر الأخلاقي، وبالنظر لمفهوم الغطرسة هذا، يمكن أن نرى الجشع كسمة شخصية‫، تتشابه بشكل كبير مع الغطرسة، لكن الاختلاف بين الغطرسة والجشع خفي ومعقد. وشرحه بشكل كامل ‫” مهم جدا‫” ووثيقة بحد ذاتها‫. هنا تجدر الإشارة لبعض الاختلافات المهمة‫، يظن المتغطرسون أنهم يستحقون احتراما أكثر من الآخرين ‫( سواء حصلوا عليه أم لا‫) ويريدون معاملة أفضل مما يتلقاها الآخرين، وهذا قد يساوي حصولهم على المزيد من بعض الموارد أكثر مما يمكن أن يحصلوا عليه إذا تم توزيع هذه الموارد بين الجميع بشكل متساوٍ‫. لكن ما يسعى له المتغطرسون في النهاية، أكثر من الموارد والسلع الدنيوية، هو معاملة الآخرين لهم على أنهم متفوقين في حين يُمنح هؤلاء الآخرين بالمقابل مستوى من الاحترام (بشكل أقل) بحيث يغدو الاحترام الذي يمنح للمتغطرسين ذا قيمة‫. لا يهتم الجشعين كثيرا بالاحترام من هذا المنطلق بالعادة؛ بل في الواقع، يميلون إلى التفكير والتصرف كما لو أن الآخرين لا يستحقون الاحترام، باستثناء، ربما عندما يكون الشخص في منصب يمكنه من المعاقبة؛ الاحترام الوحيد الذي يدركونه هو احترام الخوف الفطري . وإلا، فهم “يحترمون” الآخرين مثلما تفعل الذئاب “باحترامها” للخراف. ‫ وقد يريدون أن يراهم الآخرين كمتفوقين، وذلك لاعتقادهم أن هذا سيساعدهم في هدفهم الحقيقي للحصول على ما يريدون، يريد الجشعون أشياء، أرباحا، فوائدا. يريدون عادة الأشياء الجميلة، والألماس، والسيارات، والمنازل. والأدهى من ذلك،  يفكرون ويتصرفون كما لو أن الناس أشياء أيضا: يريدون أصدقاء يثنون عليهم، وعشاقا رائعين، وقدرة على التصرف كما يحلو لهم‫.  إذا ساعدهم الاحترام على الحصول على هذه الأشياء، فلا بأس، ولكن الاحترام، في نهاية المطاف، ليس مقصدهم‫. الغاية النهائية مع الجشعين تكون إما بحصولهم على ‫” سلع مادية‫” أو قوة ليفعلوا ما يريدون فعله، ويحكمون على نجاحهم بشروط قياسية‫.

يظن  الجشعون فيما يبدو أنهم متفوقين على الآخرين، لكن ليس بنفس الطريقة التي يظنها المتغطرسون، فالجشعين يعتقدون أنهم أكثر تفوقا بالنسبة للآخرين، لأنهم يستطيعون ‫” أن يفلتوا مما يريدون‫”. بينما المتغطرسين يحترمون الآخرين لكنهم غير عادلين جزئيا نحو أنفسهم‫. يبدي الجشعين استعدادا لاحترام أنفسهم دون الآخرين‫. 18.فهم يتلاعبون بمكر وخيانة‫. والولاء، مثل أي شيء آخر له قيمة مفيدة وشرف فقط إذا كان مربحا‫. في ‫(الجمهورية‫) كان غلوكون قادرًا على جعل اللاأخلاقي يبدو جذابا كما فعل، بسبب الأشياء المترفة التي يحيط بها الجشعين الناجحين أنفسهم‫. بقمة الترف، يميل الجشعين الناجحين لتجنب أي عقاب أو ضرر لسلوكياتهم، وليكونوا ناجحين حقيقيين، يجب أن يخفوا حقيقتهم عن الآخرين، يتصرفون بسرية متى ما لزم الأمر، لنيل أكثر مما يمكن أن يبررونه للآخرين‫. وحين نستخدم المعنى التقليدي القياسي لمصطلح الأخلاق واللا أخلاق، فالجشعين لا أخلاقيين رغم أنهم يفعلون ما بوسعهم ليكونوا أخلاقيين‫. كما نوّه بذلك غلوكون ‫(الجمهورية‫) رغم أنه قد يبدو وكأن خاتم سحريا للاختفاء مطلوب للإفلات من الأمر‫. سيكون للفرد اللاأخلاقي سمعة هائلة لكونه خلوقا‫، فالغاية تبرر الوسيلة ويظهرون بأنهم بلا ضرر‫. وهكذا، بالنظر للترف والافتقار للعقاب، يبدو أنهم يثابون على الدوام ولا يدفعون ثمنا للجشع‫.

من الشائع الآن أن يحاج الفلاسفة بأنه وبسبب حاجة الجشعين أن يخفوا حقيقتهم عن الآخرين‫، فإن الناس تتأذى  من الجشع لأنهم غير قادرين على بناء وإبقاء العلاقات الشخصية الصادقة والمخلصة والوفية‫. مثل التي ترى في العائلات والحب والصداقات‫19‫. لسوء الحظ، هذا الرد قد يشبه‫” خطبة للمؤمنين‫” وعلى الأرجح سيفشل في التأثير على الجشع الناجح والمتفاني‫. وما تمّ الإشارة إليه بالضرر، مثل خسارة صداقة أو حب حقيقي، لا يراه الجشعين أكثر من كونه أمر يصنع بواسطة ‫”جودة الحياة‫” والتي يمكن أن يحققوها كجشعين ناجحين‫. ‫( بالطبع إشارة الاقتباس حول ‫” جودة الحياة‫” تشير تماما للقضية النهائية‫). من يعانون من الجشع لا يقيمون مالا يعلمونه، أو يملكونه، أو حتى ما يريدونه، كالحب الصادق والصداقة الحقيقية، لذا لا يفتقدونها في النهاية‫. ومن وجهة نظرهم أنهم لو كانوا محظوظين فربما يكون لهم شكل من أشكال الحب أو الصداقة‫. فمن خلال الجمع ما بين هذه المظاهر كالحب والصداقة، و توفر منازل على الشاطئ، وعشاق رائعين، ومنظر الفيراري على الطريق‫، يظن الجشعين أنهم يخرجون في النهاية بأفضل غاية من هذه الصفقة‫. مصرّين لأنفسهم بأنها كلها لا تبلغ سوى قبضة تلوح في الهواء.

ولهذا السبب أشرنا إلى أن فقدان ‫” السلع الأرسطية الخارجية‫” مثل الصداقة لن تكون مجدية في النقاش ضد اللاأخلاقية‫. رأى أفلاطون ذلك وحاول أن يناقش أن الضرر من اللا أخلاقية يكمن في سيكولوجية الشخص نفسه‫. ولكن لسوء الحظ يبدو أن المفردات النفسية لم تكن بحوزته ليجعل من وجهة نظره أمرا مقنعا‫. وفي محاولته للدفاع عن الأخلاق من خلال ما يدعي بأن هناك فائدة من ‫”الانسجام النفسي‫” ممنوحا برقته فإن الأمر لم يكن مقنعا للجشعين الذين يعيشون في أحضان الترف 20‫. لكن فتحت أفكار حديثة حول احترام الذات وخداع الذات، والعقلانية، والنزاهة احتمالات جدلية غير مكتشفة.

قد يظن أحد أن غالكون وربما أيضا تراسيماخوس سيتجهون قطعا لتبني الأخلاق لو أمكن رؤية أن الشخص لا يمكن أن يكون لاأخلاقي وفي نفس الوقت ‎لديه ما نسميه احترام الذات، الحقيقة أن الجشعين لا يمكن أن يكون لديهم احترام ذاتي صادق بينما يتلاعبون ويستفيدون بقسوة من الناس الأبرياء، أو على ‎الأقل هذا ادعائهم‫. يُظهر المتغطرسين افتقارًا لاحترام الذات لأن أسس ما يرونه كاحترام ذاتي خاطئة، بطريقة تظهره وكأنه عار‫. سأضع  في الأسفل حجتي التي تبين احتيالهم على ذواتهم، لكن الادعاء الموضح محفوظ بإظهار أن ‫” احترام الذات‫” للجشعين مختل في تأسيسه‫. في البداية، لعل نذّكر أنفسنا أن الجشعين يعاملون الآخرين كأشياء، كرهائن يُتلاعب بها حتى يمكنهم الحصول على غاياتهم‫. لنطبق بعض المصطلحات الأساسية على هذا، ربما نقول أن الذين يعيشون بلا أخلاق يعاملون الآخرين كأشياء لها قيمة مفيدة‫. السؤال الحقيقي هو، بالنظر لطريقة تقييمهم للآخرين، كيف يقيم الجشعين أنفسهم؟‫.

ربما يرون أنفسهم مميزين نظرا لقيمة حياتهم التي يعيشونها أو أنهم لا يفعلون‫. وهنا أساس المعضلة، فإذا كانوا يفكرون بأنهم مميزون لقيمة حياتهم التي يعيشونها، فهم مخطئون ‫(ومحتالون على ذواتهم أيضا‫) لأن أي سبب يمنحونه قيمة لحياتهم يمكن أن يُمنح للآخرين أيضا‫: فقولهم‫” أنا مميز لأنني أنا‫” أو ‫” أنا مميز لأني ذكي‫” يبرز مبررا لاعقلاني للجشع‫. ‫(سيتم تناول هذه النقاط مطولا أدناه‫). على الجانب الآخر، ربما لا يرون أنفسهم مميزين، في هذه الحالة يجب عليهم أن يمنطقوا ويفصلوا مبررات سلوكياتهم نحو الآخرين عن مبررات سلوكياتهم نحو أنفسهم‫. في كلا الحالتين لا يمكن إدانتهم على أخطاء تتجلى في سلوكياتهم اللاأخلاقية، والتي تمنعهم من الحصول على احترام لذاتهم‫.

ويمكننا تعقب هذه القناعات عبر التمعن بعمق في لم هو صحيح القول بأن الجشعين لا يرون الآخرين يمتلكون أكثر من كونهم قيمة فعالة فحسب‫. قد يلاحظ هذا مرة أخرى عند مقارنتنا الجشع بالغطرسة‫. كما ذكر أعلاه، فالمتغطرس يمنح الآخرين بعض القيمة التي تتجاوز القيمة الفعالة، حتى يتمكن هؤلاء الآخرين من منح المتغطرسين الاحترام الذي يسعون له. فلن يرضى المتغطرسين بالحصول على الاحترام من أشياء مجردة أو حيوانات كالخراف، بل يريدون أن يروا الآخرين يحظون بالاحترام شريطة أن يكون لهم هم احترام أكبر‫.  بهذه الطريقة فقط سيكون لهم شرف محصّل من قبل الآخرين حينما يؤكدون لهم مشاعر تضخيم مزيف لذواتهم‫. بعيدا عن احترام الاخرين المبني على الخوف ‫( سيناقش بالتفصيل أدناه‫) لا يمنح الجشعين الآخرين أي احترام كان‫. وإن فعلوا عليهم أن يقرّوا، بطريقة ما، بأن من الخطأ أن يؤذوا هؤلاء الأبرياء المحترمين‫. وإذا سمح الجشعين لأنفسهم أن يعتبروا الآخرين محترمين، وبالتالي مستحقين للاحترام من قبل الجشعين، إذًا حتى الجشعين أنفسهم يلزمهم أن يقرّوا بأن الذين تم إيذائهم ‫” ليسوا مجرد ‫”خراف‫” أو ‫” مغفلين‫” لا يستحقون أي أفضلية‫. سيكون هناك إذا سبب لئلا يتصرف الجشعين كما يفعلون‫. ومن أجل تبرير سلوكهم في مواجهة هذه الأسباب كي يتجنبوها ،يلجؤون لبخس قيمة الآخرين بطريقة تحتم عليهم اخفاء بعض من جوانب نفسياتهم عن الجوانب الأخرى‫. فإذا كان الجشع حالة يرى فيها الشخص نفسه كذئب والآخرين خراف، فالآخرين موجودين ليكونوا قيمة أداتية فحسب‫.

 إنه منطقي على كل حال، أن نعتقد بأن الجشعين لا يتصرفون وكأن لديهم قيمة أداتية وحسب‫. إذا فهمنا أن القيمة الأداتية هي قيمة شيء حين يكون مفيدا لأجل شيء آخر‫. إذًا لايمكن أن يُصوّر الناس حياتهم الخاصة على أنها ذات قيمة أداتية  مالم يروا أنفسهم مفيدين في غير حياتهم‫ الخاصة. قد يكون ذلك محتملا وربما مطلوبا في الحب الحقيقي والصداقة، لكن ليس من المعقول أن نقول أن ذلك يتسق مع الجشع‫21‫. يريد الجشعين لأنفسهم المقدار الأكبر‫. ولا هدف خفي أو سامي لديهم، غير ما فيه مصلحتهم‫. لذا يبدو أن الجشعين يرون أن مصالحهم الشخصية غاية نهائية وكل شيء آخر ما هو إلا وسيلة لهذه الغاية‫. وإذا كان ذلك، فإن طرف من المعضلة المذكورة أعلاه يصبح واضحا‫. من يحاولون‫” الربح‫” بتعمد من كونهم فاسدين أخلاقيا، يرون أنفسهم معذورين بإيذائهم هؤلاء الأبرياء، ربما يرون أنفسهم بشكل مختلف عمن يؤذونهم‫، فهؤلاء الآخرين مفيدين كي يستخدموا في نهضة حياة الجشعين، الذين يرون أنفسهم  كنوع مختلف، وليسوا أفضل منهم بالمستوى فحسب، بفضل قيمة حياتهم التي يفتقرها الآخرين.

‎أول طرف في هذه المعضلة هو أن اللا أخلاقيين ينكرون لغيرهم نوعا من القيمة التي ينسبونها لأنفسهم‫، ويعاملون أنفسهم كمستحقين للاحترام بينما ينكرونها لأولئك الذين آذوهم.22. بعد ذلك سيكون من السهل عليهم تبرير إيذاء الناس على حساب أمر أفضل، كأنفسهم‫.  لكن ماذا ستكون مصادر الجشعين لمعنى الاستحقاق الذاتي؟ كيف للجشعين أن يفسروا معنى ‫” احترامهم الذاتي” بينما ينكرون إمكانيته والمعاملة الموجبة له على الآخرين؟ الجواب هنا نفسه بالنسبة للأشخاص المتغطرسين‫، رغم أنها أتت بحجة أولى‫.  إن أي السبب الذي يمكن أن يعطيه الجشعين لتبرير احترامهم الذاتي الشخصي، يجب أن يكون مميزا، وبالتالي متاحا للآخرين، وأي سبب يعطونه لمعاملة مصالحهم الشخصية باحترام هو سبب يمكن أن يعطونه الناس الآخرين أيضا‫. يميل الجشعين لادّعاء نوع من التفريق الأنطولوجي لنفسه أو نفسها، ويستند ذلك على ادعاء صيغة المتكلم في الحديث الغير المبررة‫.  فقط بهذه الطريقة يحفظ الجشعين لأنفسهم بعض القيمة بعيدا عن تبرير أنها للآخرين أيضا‫.  يريد الجشع أن يقول ‫” أستحق أكثر لأنني أنا‫” وعندما ينص عليها بهذا الشكل الصريح، تُستقبل اللعبة التي خلقها الجشع على هيئتها، سخيفة وعديمة الفائدة، ومثيرة للرثاء، حيث هي ليست مضرة بشدة‫.  ‫(ردود محتملة ربما تصدر من الجشع، مثل ‫” أستحق أكثر لأنني ذكي‫” ستناقش أدناه‫) 23

‎لكن هذا لا يثبت تهمة خداع الذات للجشعين، الحالة المبنية كما نلاحظ أن الآخرين، وحتى المتغطرسين، منفتحين لمنح الاحترام للآخرين بناء على حقيقة إنسانيتهم المشتركة، فكرة أننا بمكانة متساوية، كأعضاء من نفس الأنواع البيولوجية،  هي التي أسست بعض المعايير المنخفضة ومستويات أدنى للسلوك الإنساني والذي يجب ألا ينحدر المرء ت‫. وبالنظر لهذا النوع من الاحترام، يستحق الناس الاحترام لأنهم ‫” أشخاص بحد ذاتهم‫”24‫. حتى لو وضع الجميع هذا المعيار على مستويات مختلفة قليلا، سيبقى هناك‫، مع ذلك، الاحترام للناس فقط لأنهم ” مُرضين”25‫. هذا النوع من الاحترام يضع الناس أعلى من مجرد كونهم أشياء، فهم في هذا الإطار أكبر من كونهم قيمة أداتية، ويستحقون أن يعاملوا كما لو أنهم قيّمين جوهريا، أو بمألوف العبارة، هم غايات بحد ذاتهم‫.

‎بإمكاننا مفاضلة هذا النوع من الاحترام مع نوع آخر مبني على الخوف، والذي يظهر أن تراسيماخوس والجشعين على دراية به‫. نحن عندما نحترم الناس لأننا نخاف منهم، ذلك لأننا نفكر أنهم قد يؤذوننا بطريقة تجعل من الصعب علينا أن نعيش بهناء، نخافهم لأننا نعتقد أن لهم تأثير سلبيا فعالاً أو ‫( انعدام قيمة‫) على حياتنا‫. نوع الاحترام المعنيين به هنا هو احترام الناس ‫”بحد ذاتهم‫” احتراما مبنيا على التقدير وليس الخوف، التقدير الذي يُظهر قيمة الشخص،  بمعزل عن قيمته الأداتية في حياة المرء الشخصية ‫. بملاحظتنا أو ‫” كشفنا‫” لهذا النوع من الاحترام، سوف ُنقدّر الناس على ما هم عليه وليس لأثر قيمتهم الأداتية علينا‫.26‫ هذا الشكل من الاحترام مبني على تقدير ما يمكننا تسميته ‫”وضع الإنسان‫” الذي يتشاركه جميع فئات الإنسان العاقل، ‫” اجرحنا، وسوف ننزف‫” جميعنا نستشعر الألم، نجوع ونعطش، فكلنا كأطفال كنا تحت رحمة من تعهدوا برعايتنا وهكذا، وفوق كل هذه الحقائق يمكن للحياة أن تكون عشوائية بصورة غير عادلة، وللأسف، أحيانا قاسية بشكل ملحوظ‫. مجرد التخبط في الحياة، ولو بأدنى مستوى ، قد يكون قاسيا بشكل كاف ومليء بالتحديات التي يجب أن نواجها جميعا كبشر‫. وبناء على محاولاتنا لخوض الحياة بأفضل ما يمكننا، يستحق كل واحد منا قليلا من الاحترام، والذي يجب أن نتفق عليه لسبب بعيد عن مدى  تأثيرنا الأداتي على حياة بعضنا البعض‫.

إن جوهر المسألة يكمن هنا‫. فمشكلة الناس الجشعين، أنهم يتصرفون كما لو أنهم يعاملون أنفسهم بكونهم يملكون احتراما ذاتيا مبني على ماهيتهم كبشر، بينما يفشلون باحترام الآخرين كما هم عليه‫. عندما يؤذي الجشعين الآخرين، يؤذون الأفراد الذين يساوونهم في الأهمية بطرق جوهرية فعلا، فبفضل أصلنا المشترك كأعضاء في أنواع ‫(الإنسان العاقل‫) نتشارك مجموعة من الخصائص الجوهرية‫” الجوانب‫” التي من دونها لم نكن ما نحن عليه كأفراد‫. (Kripke, 1971)  فحين يؤذي شخص بشكل لا أخلاقي شخصا آخر، يظهر الضرر كعدم احترام لجميع أنواع الضحية التي تجعله فردا على ما هو عليه أو هي عليه‫.  ويبدو أن جناة وضحايا اللاأخلاقية جميعهم بشر، يتشاركون خاصية كونهم بشر، يتشاركون الإنسانية‫. وعلى مدى تشارك الجاني والضحية هذه الجوانب وبنفس الطريقة ‫( بضرورة دعمهم للمسلمات المعطاة ‫) هم متساويين في الاحترام‫. أي بقدر ما هم بشر، هم متشابهين أيضا‫. جناة اللاأخلاقية الذين لا يحترمون ضحاياهم، بشكل واضح لا يحترمون الجوانب ذاتها التي يتشاركونها مع ضحاياهم‫. يُظهر السلوك اللاأخلاقي أن هؤلاء الناس لا يأخذون الإنسانية بمعناها كمسوغ للامتناع عن إيذاء الآخرين لا أخلاقيا، بصرف النظر عن حقيقة أن إنسانيتهم هي من جعلت الضحايا بشكل جزئي ،على ما هم عليه‫. وهذا ما يظهر مع الجشعين في تجنّيهم اللاأخلاقي وإيذائهم للآخرين، فهم لا يحترمون هذه الجوانب في أنفسهم التي يتشاركونها مع ضحاياهم‫. وربما يركزون انتباههم على جوانب يختلفون بها عن ضحاياهم ‫( بقولهم ” أنا نفسي” أو “أنا ذكي”) ولكن أوجه التشابه الجوهرية العديدة مع ذلك مكتسبة‫. ففي عدم احترامهم للضحية، يبدي الجشع عدم احترامه لذاته، مادامت الهويات الشخصية للجشع والضحية مبنية أساسا على خصائص متشابهة‫. إن الجشعين على استعداد لعدم احترام الآخرين الذين يشتركون معهم في الخصائص الأساسية، وبقدر ما ذلك واقعي إلا أنهم يثبتون كذلك عدم احترامهم لأنفسهم‫. إن إهانة الجشعين للإنسانية هي عدم احترام لإنسانيتهم الخاصة‫. وفي نهاية الأمر‫، ربما هم في حالة إنكار لإنسانيتهم. ومهما يكن، فالجشعين محتالين على أنفسهم باعتقادهم أنهم مميزين وفي الواقع هم ليسوا كذلك، وبذلك خدعوا أنفسهم باعتقادهم أن لديهم احتراما ذاتيا، بينما في الواقع لا يملكونه. 27

‎وبذلك وفي محاولة موجهة الجشع، أو من التزم في سلوكيات بطرق لا تلزمه بمطالبات أخلاقية، خصوصا إن كانت غير موائمة له، أي في وضع تحرم فيه الأخلاق السلوك الوحيد الذي يسمح لهم بإرضاء أولويتهم الشخصية‫. فيمكن للمدافع عن الأخلاق أن يقول لأمرئ كهذا:

لدينا نفس الأصول، أنت ومن ستؤذيهم على راحتك. لا يمكن أن تنكر ذلك، فجميعنا ولدنا من رحم: عشنا بريئين وضعفاء وبالكاد نؤذي أحدا. نحن أحياء فقط لأن الآخرين اعتنوا بنا، وأُطعمنا فقط من قبل شخص آخر. لذلك شئنا أم أبينا، هناك أوجه نتساوى فيها جوهريا في هذا العالم، كأقران‫. تصف الأخلاق السلوك الذي يعترف ويحترم هذه الحقائق الوجودية التي لا يمكن إنكارها. مثل حالات يجب أن تُعامل بالتساوي. لكن أسلوب حياتك يستخف بذلك‫، ونتيجة لذلك، يُبنى إحساسك باحترام الذات على جانب وهمي من التفكير بالواقع ومكانك فيه. في الواقع أنت لا تحترم نفسك وبدلا من ذلك، تحترم الشخص الذي تتمنى أن تكونه ولم تنجح. إن احترام النفس الحقيقي يتطلب مفهوما حقيقيا ودقيقا حول النفس، والمكان المناسب لها في هذا العالم. فإن أقنعت نفسك أنك أنت الأفضل بسبب طريقتك في التفكير، فأنت مخطئ. حتى لو وجدت (خداع الذات) حلا لمشاكلك التي نشأت‫ من إنكارك لما تتشارك به مع ضحاياك، سامحا لك بأن تكون راضيا عن ذاتك من جهة نظر موضوعية، يجب على الأقل أن تعرف أن المدافع عن الأخلاق الذي لا تتفق معه ليس لديه تلك المشكلة ليتعامل معها. فأساسيات احترام الذات التي تنشأ من الحياة بنظام أخلاقي متفوقة عليك، بينما تحتال أنت على نفسك وما أنت عليه‫.

‎ للحفاظ على فهمنا لاحترام الذات المعطى آنفا، فإن أفضل توضيح لإيمان الشخص بحقيقة الموضوع هو بمواجهة 1) دلائل على الاعتقاد بخطئها،  2) والرغبة بتصديقها هو خداع للذات‫. إذا كان مفهوم الجشع لاحترام الذات مبني على إيمان أنه هو أو هي متفوق على الآخرين، إذا ذلك يتوافق مع (1) و (2).

‎بالنظر لتنوع أوجه التشابه الأساسية مع الآخرين، هناك سبب جيد للاعتقاد بأن الجشع، في الواقع، ليس متفوقا على الآخرين، بينما إيمانه بـ ‫” أنا مميز لأنني أنا‫” لا يبدو منطقيا على الإطلاق للإيمان بتفوق أحد على الآخر‫. والسبب في ذلك كما يلي‫: أن القول أو الإيمان بـ ‫” أنا نفسي‫” يؤمّن للشخص فقط ملكيته بكونه فريدا‫. إنها جزء من الإيمان بالميزات‫. بالطبع كل شخص فريد من نوعه بما أن لكل واحد ميزته ‫( لو لكل واحد بالفعل‫) وهذا لوحده لا يمكن أن يبرر المعاملة الخاصة مقارنة بالآخرين‫. ما يريد الجشعين لأجل تبرير سلوكهم، ملكية تجعلهم مميزين، وعجزهم الدائم عن ذكر ما الذي يجعلهم مميزين يكذب اعتقادهم بأنهم يملكون مكانة خاصة‫. والحقيقة أنهم غير معصومين، هم بشر في نهاية الأمر مثلنا نحن أيضا‫. وأخيرا، فإن الإيمان بتفوق الجشعين هو ببساطة مريح لهم لرؤية الأمر موضوعيا، بكونهم منقادين بشيء خلاف الرغبة بتصديق أنه حقيقي‫. يؤمن الجشعين باحترامه أو احترامها الذاتي المبني على خداع الذات‫. ‫( وحتى لو كان الجشعين قادرين على تحديد معنى كونهم مميزين، سيبقون مع ذلك في مرحلة إنكار لكل الجوانب التي تبين أنهم غير مميزين، كل الجوانب التي تقول بأنهم لا يختلفون عن البقية الآخرين‫، ولأجل أن يحتالوا على أنفسهم باعتقاد أن لهم مبرراتهم في معاملة الآخرين كما لو أنهم غير مستحقين لأي نوع من الاحترام‫.

 ربما لا يرى الجشعون أنفسهم مميزين أنطولوجيا، لكنهم يرون أنفسهم كمستحقين لأي شيء يمكنهم أن يحصلوا عليه، بالاستعانة بذكائهم، ومقدرتهم على الإفلات بأفعالهم‫. نستطيع أن نتخيل مثلا أنهم يعون بأن الأذكياء يستحقون الاحترام بغض النظر عن كونهم ‫”غير مميزين‫”، لكن الأغبياء مجرد ‫” خراف‫” ويستحقون المعاملة التي يتلقونها على يد الأذكياء‫.

كيف يرد المرء على فكرة أن الأساس الوحيد للاحترام هي خاصية معينة لدى البعض ويفتقدها الآخر، كالذكاء؟ بما أننا نفترض أن تراسيماخوس ذكيا والآخرين ليسوا كذلك، فلعله لم يُخطئ في معاملته للآخرين غير الأذكياء كما فعل‫. حسنا، رد الأول يكون بملاحظتنا سواء كان المرء ذكيا أم لا، فالأمر يعتمد جزئيا على كم عدد الذين يعتبرون ‫” أقل ذكاء ‫” من هذا الفرد‫. ويبدو من الخطأ أن يؤسس أحدهم احترامه لذاته على سمات الآخرين الشخصية‫. لكن ربما يستثني تراسيماخوس مثل هذا الرد لكونه شرطيا أو إجرائيا، وإذا كان كذلك، سوف نشير  له بأن أي سمة شخصية سيشير لها يمكنها أن تُستخدم  للتمييز بين المحترم و غير المحترم‫، هي واحدة عارضة جدا لدرجة أنه يمكن فقدها بسبب مرض أو حادث، أو شيخوخة‫. قد يسأل أحدهم تراسيماخوس إذا كان يعتقد فعلا أنه يستحق أن يعامل بسوء كما يعامل هؤلاء غير الأذكياء‫، عندما يخسر ذكائه. فرضيا، سيعتقد بأن ذلك خطأ، وربما سيشعر بالسخط والاستياء، إذا كان هناك شخص سيعامله بشكل سيء، لأنه ليس ذكيا بشكل كاف ليمنع حدوث ذلك‫. ربما، يقود هذا الاتساق بتراسيماخوس ليقول أنه ربما يستحق في الواقع أن يعامل بسوء، لأنه سيتوقف عن كونه ذكيا‫. ورغم أن هذه الإجابة قد تبدو ثابتة، إلا أنها تحمل كل العلامات لسكّ عبارة ‫” ذكيا جدا للنصف‫”.لا يشعر المغفلين بأنهم يستحقون أن يعاملوا بسوء بالغ لأنهم كذلك‫. ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن تراسيماخوس لن يشعر بمثل ذلك عندما يكون مغفلا‫. بغض النظر عن كون إجابته متسقة وذكية، هم ينشدون الخداع‫.

وحتى لو لم يبدو أنهم مخادعين، المشكلة التالية لاتزال باقية‫. باعتبار أن الادعاء بأن ‫” الأساس الوحيد الصادق للاحترام هو الذكاء‫” فيما يتعلق بشخص مثل تراسيماخوس الذي يعتقد بصحة ذلك‫. عندما نتبع خط تفكير تراسيماخوس، ربما نفهم أن ‫” الذكاء‫” هو بالمدى الذي يقدر فيه الشخص على الإفلات‫. فأول ما نلحظه هو أن لو هناك سبب جيد للشك بصحة هذا الادعاء، فإنه يلزمنا بأن تصرف وفقا له‫. فإذا فعلنا ذلك، فإن رغبتنا المشتركة لأن نُحترم  من قبل الآخرين إضافة لاحترامنا الذاتي، ستسفر عن حرب هوبزية ‫” الجميع على الجميع‫”. وليس من ذكاء أن نفكر بالاحترام بطريقة تجعل الإفلات بأي شيء منه صعب جدا‫.  إذا آمن الجميع بحقيقة تراسيماخوس، سيكون أسوء شخصيا، بما أن الجميع سيكونون أكثر يقظة في احتراسهم ضد من يستفيد منهم‫. كل منا لديه شخص أذكى من الجميع‫. فكيف سيكون الذكاء إذا استغله الجميع؟ في نهاية الأمر ،الإيمان بأن الذكاء وحده مبرر لاحترام الذات هو وسيلة بحد ذاتها، إلا إذا حالف أحدهم الحظ ليكون الأفضل ‫( أو أحد القلة القلائل‫) ليؤمن بذلك، وهذا سبب جيد للشك به‫. من المريح  لتراسيماخوس، وجميع البشر، أن يؤمنوا بأنها الحقيقة‫. والاعتقاد بأن الخوف والحسد هي الأسباب الوحيدة التي يملكونها لتمنعهم من الإيمان‫. مرة أخرى نجد أن تراسيماخوس وإيمانه بصدق ادعاءه حول الاحترام يملأ الشروط المنصوص عليها لخداع الذات، هناك أسباب ملحوظة للاعتقاد بخطأ ادعاءه وأن لديه رغبات للإيمان بحقيقتها‫. لكن عقلنة خداع الذات مكنت تراسيماخوس من إقناع نفسه أن سلوكه مبرر‫.28

إذن، يبدو أنه من المرجح أن الجشعين يرون أنفسهم شيئا مميزا، بعبارة أو بأخرى، هم في نهاية الأمر ليسوا كذلك‫. على الجانب الآخر، ربما نصل أخيرا إلى البقعة الثانية من المعضلة التي تم تقديمها في صفحات متعددة أعلاه‫.  وهي أن مازال من المحتمل أن الجشعين يرون الآخرين كمستحقين للاحترام تماما مثلهم، لكن لا يهتمون بهم أو يتجاهلونهم‫. وإذا كان كذلك، كما لوحظ أعلاه، يجب أن يتجاهلوا كيف برروا لأنفسهم سلوكيات الآخرين عند تبريرهم لسلوكهم‫. إذا كان لنا أن نفهم ‫” التقسيم النفسي‫” للسلوكيات والمعتقدات أو المبررات لتلك، بوعي أو إنكار لا واعي للتناقضات فيما بينهم، لغرض الحد مما يسميه علماء النفس ‫” التنافر المعرفي‫”، عندها سنرى أن الجشعين الذين لا يرون أنفسهم مميزين يجب أن يكونوا مذنبين في هذا التقسيم‫. يجب عليهم إخفاء الإحساس بمعنى ‫” احترام الذات‫” ومبرراته، عن جوانب أخرى من نفسياتهم، وعلى هذا النحو شعورهم بـ‫” احترام الذات‫” مزور ومخادع‫.

‎ وبذا عدنا للاستنتاج التي تقول سواء كان الجشعين يعتقدون أنهم مميزين أم لا، لا يمكن أن يكون لديهم شعور بعدم خداع الذات من احترامهم لذاتهم، بسبب الطريقة التي يعاملون بها الآخرين، الذين هم في الأساس مثلهم وما إذا كانوا يهتمون أو لا يهتمون بذلك هي القضية الأخيرة‫. من الأسلم أن نفترض أن بعض الجشعين تأثروا بالحجة المعطاة وآخرون في الواقع لن يستمعوا لأنهم ‫” حالات ميؤوس منها‫”. لننحّي فاقدين الأسباب جانبا لوهلة، ونفترض أن الحجة المقدمة عن الجشع، واحترام الذات، وخداع الذات تبدو الخطوة الواضحة للجشع بأن ينكر أهمية احترام الذات الحقيقي للشخص، والتأكيد على أن نقص احترام الذات هو بلا شك ضرر حقيقي للفرد‫. فقط بهذه الطريقة، يمكن للشخص الذي يشترك مع نظرية تراسيماخوس الأخلاقية أن يكون قادرا على نفي الادعاء بأنه من السيء للفرد ‫” مع أخذ كل الأمور بالاعتبار‫” أن يكون سيء أخلاقيا‫. لكن يجب أن يلاحظ الموقف الصعب الذي وضعته فيه هذه الحجة‫.؛ قد يصبح قدرتك على العمل دون الماديات الظاهرية مثل ‫” الحب الحقيقي‫” أو ‫” الصداقة الحقيقية‫”  الرصاصة التي يتلقاها الشخص من أجل طلب الحصول على ترف وفخامة أو قدر كبير من السلطة، لكن إجبارك على ملاحظة يحتقر المرء نفسه، والتخلي عن رؤية أن المرء يمتلك احتراما لنفسه هو شيء آخر‫. السبب في أن من السيء أن تكون فاسدا هو في إذا كان المرء فاسدا فهو يحتقر نفسه. وبالدرجة التي يحتقر بها المرء ذاته يكون تعيسا.‫ والفكرة متعدية‫: درجة لاأخلاقية الفرد هي درجة تعاسته.

 الجشع الآن في موضع دفاع عن فكرة أنه ليس من مصلحة الفرد أن يحافظ على احترام الذات‫. إن لم يكن هذا برهنة على فساد اللا أخلاق، فهو على الأقل أزاح عبئا كبيرا للإثبات من على كتف المدافع عن الأخلاق ليُطرح على كتف المدافع عن اللا أخلاق‫. لم يعد الناس الأخلاقيين هم الذين يبدون مغفلين والذين خدعوا في مشروع كاذب، يبدو أن الأخلاقيين هم الوحيدين الذين في موضع يقال عنه ‫” لدي احترام ذات حقيقي من النوع الصادق ولا أعتقد أن شخصا يمكن أن يكون سعيدا بدونه” تراسيماخوس وجماعته أجبروا على الجدال ضد المصالح الشخصية للاحترام الذاتي، وهذا سيكون في أفضل حال جدلية صعبة تتوالى. إلا وقبل الجدال من المنطقي الاعتقاد بأن تراسيماخوس سيجد في مصلحته الذاتية أن يبقي على احترامه الذاتي بقدر المستطاع‫. في الواقع، وقبل الحجة، ربما سيجادل بأن الطريقة الوحيدة للإبقاء على مصلحة الفرد الذاتية بأن تكون لا أخلاقيا‫. وبذا تتحول مواضع الجدال وتقلب الطاولة‫.

ما الإجابات الباقية لمن يعتقد بأنه هل ليس من السيء أن أكون فاسدا ؟ دعونا نميز نوعين مختلفين من الناس الذين لم يروا ربما لماذا من السيء أن تكون فاسدا‫ . النوع الأول هم مثل غالكون وأديمانتوس، الذين في بدايات مراحلهم من التعليم الأخلاقي سألوا السؤال ‫” لماذا من السيء أن أكون فاسدا ؟ ‫” لأنهم حقيقة لا يعلمون، ويطمعون بدليل لكيفية الحياة‫. عندما يسمع الناس هذا، أنه من خلال تجنب الظلم ستتاح لهم فرصة امتلاك احترام ذاتي، من الأرجح أنهم سيقدرون الأضرار التي تعود على أولئك السيئين أخلاقيا‫، وبالتالي يجيبون على سؤالهم الأصلي. النوع الآخر، ربما لديه سمة شخصية من الجشع أو هو بالفعل عرضة للسلوك اللاأخلاقي، فحتى لو كانوا مستعدين للاستماع، ستكون فعالية النقاش محدودة عليهم مقارنة بغالكون واديمانتوس‫. هؤلاء الناس ربما حالات ميؤوس منها‫، ومن المرجح أن ممارسة الجشع عندهم لادعاء أنه مهما كان الضرر فيجب تحمله، بالتخلي عن احترام الذات، متفوقون بالفوائد التي تعود عليهم ، والطريقة التي لا يعاقب بها غير الأخلاقي‫. بعد كل ذلك، إن كان على شخص أن يسأل جشعا ما إذا كان أو كانت سعيدة، ربما لعدم معرفة شخصية الفرد الحقيقية، سيجيب الجشع بصراحة بالإيجاب‫. يعتقد الجشعين بأنهم سعداء ما داموا يشعرون برضا عن أنفسهم، رغم عدم وجود أي احترام ذاتي صاد‫ق. كما وضعها أفلاطون في ندوة ‫”مشكلة الجهل هي بالضبط أن الشخص يفتقر للفضيلة والمعرفة، وهو راض عن الحال التي هو عليها، وإذا لم يكن الشخص واعيا بهذا الافتقار، لا يستطيع أن يرغب بشيء لا يستوعب افتقاره إليه‫” (204a).

ماذا نقول إذا لمثل هذا الشخص؟ هل من طريقة لإنقاذ هؤلاء الناس، فرضا من هم مثل تراسيماخوس، الذي التزم بالتصرف بأساليب تمنعه من الحصول على احترام ذاتي من أجل ضحاياهم ومن أجلهم هم أيضا؟ ربما جميع الجشعين ‫” حالات ميؤوس منها‫”. هناك بعض الأسباب للاعتقاد بأن أرسطو اتخذ من هذا الأمر حالة.29 فهو يعتقد أن الناس إذا لم يتعرضوا في شبابهم للنبل أو الرفعة ‫(الكالون‫) حتى يعرفوا جودة الأخلاق لأفعال معينة، لن يكونوا في موضع لاحقا ليفهموا السبب الذي يجعل الأفعال الفضيلة أمرا نبيلا‫، فضلا عن شرح أنها أفضل طريقة للعيش. لكن ما يفعله أرسطو في النيكوماتشيان الأخلاقية، هو أنه يحاضر لهؤلاء الذين بالفعل يريدون أن يكونوا فضلاء، والذين يريدون أيضا فهم الفضيلة بشكل أكثر، ليعلموا ما يجب عليهم فعله ولماذا يجب عليهم فعله. ولا يحاول أرسطو أن يرد على تراسيماخوس‫.

ولعل هذا بسبب انعدام وجود رد مناسب على الناس الذين يعدون حالات خاسرة المتشبثين بالبقاء على ما هم عليه والعازمين على ألا يسمحوا لأي شيء أن يعترض طريقهم، يجمعون كل قواهم أو تفاهاتهم بما يمكنهم، وهي أرضية الجدل لقطع مواجهة حالة ميؤوس منها حقيقية‫ ترفض الأخذ والعطاء بشكل عقلاني لكن ربما ليس جميع الجشعين حالات ميؤوس منها، لنتصور بتفاؤل أن تراسيماخوس غير ميؤوس منه، بل بدلا من ذلك يجيب هكذا‫: ‫” حسنا، لنفترض أن حجتك منطقية وأن معنى الإحساس بالذات لدي مزيف، وماذا إذا؟ ما زلت أرى أن لدي احترام ذاتي وهذا جيد بما يكفي لي‫. ” ما الأذى الواقع على من خداع الذات؟ من المرجح أن تحتاج الإجابة الكلية على تراسيماخوس على شيء مثل دورة علاج كاملة في العلاج النفسي والفلسفي له، بما أنها ستكون في النهاية مصممة لتناسب مسببات خداع الذات لديه. سيتضمن تاريخه الشخصي والنفسي، وسيكون محتواه أبعد من نطاق مقال فلسفي‫. ومازلنا نستطيع أن نختم بأن ندرج أكثر من مجرد خمسة أشياء يمكن أن تقال لتراسيماخوس، وكل منها سيتوسع لمزيد من التفاصيل‫. ومع ذلك سيكون في النهاية قادرا على استيعاب الثلاثة الأولى من أصل خمسة‫. الأول‫: يعاني تراسيماخوس من الأضرار التي لحقت من الغباء، إذا كان المغفل هو الذي ينطلي عليه مشروع قانون زائف، إذا فقد انطلى الأمر على تراسيماخوس بنفس الطريقة‫. فحين يتوجب على المرء أن يرائي أمام ضميره، فإن المرء في الواقع لا يقوم بالأمر بالجودة التي يخبر نفسه فيها بأنه يفعل. وهذه الفجوة بين واقع الحالة وبين ماي خبر الإنسان نفسه، تحتاج بالتأكيد ألا تُلاحظ بشكل واعٍ من قبل المرائي‫. فإذا كان الوضع غير تعيس من كل الزوايا فهو هزلي.  ومثل هذا الشخص الجاهل الذي كشفته الندوة فإن الشخص اللاأخلاقي تعرض للخداع في أفضل ما يمكن للحياة أن تمنحه، ومثل جميع المغفلين، لا يعرف ماهي الأشياء الجيدة في القائمة ونتيجة لذلك لا يعرف ما فقد‫. رغم احتجاجاته المعاكسة، تراسيماخوس هو مغفل حقيقي‫. الرد الثاني‫: هو أن هناك نوع من المتعة أو الرضا التي تأتي من العمل المتقن‫. (يناقش أرسطو هذا النوع من المتعة انظر، Nichomachean Ethics 1174b14). ‎فحتى تراسيماخوس على سبيل الافتراض، سيكون له نوع من الارتياح ويمكننا أن نشير بأن هذا الرضا قوي حينما ‫” تعمل عملا جيدا من أجل حياة هنية” حين يحافظ المرء على معنى احترام الذات والنزاهة. لا يمكن أن يتمتع تراسيماخوس بهذا الرضا بإخلاص مادام سيوجد هناك بعض من جوانبه النفسية التي لا تتفق مع الآخرين‫. والرد الثالث‫ فيتعلق بالاغتراب الذي ذكرته للتو، إحساسه المخادع باحترام الذات يعني أن نظريته الأخلاقية تولّد انفصاما حرفيا أكثر حدة، أشار مايكل ستوكر على هذا في نقده الشهير حول الأخلاق والعواقب‫. 30

أما الرد الرابع والخامس لتراسيماخوس أعلى من استيعابه وفهمه لأنهما يدوران حول مفهوم الحياة بشكل جيد وأخلاقي‫. وهذه المنافع هي التي حرمها على نفسه‫.31 وبما أنه امتنع عن تلقي هذه المنافع فهناك إحساس بأنه تضرر‫. الرابع‫: هو ما سمعناه من الفلاسفة الاخرين (انظر هامش 19): ‎لا يعرف تراسيماخوس متعة محبة شخص آخر لأجل هذا الشخص وليس لأجله هو، ولا يعرف أيضا ما يعني لأن تكون مستحقا لمحبة شخص آخر‫. متعة الحب الحقيقي والتي يمكن القول أنها أجمل ما يمكن أن تعرضه الحياة أبعد ما تكون عنه‫. لا يستطيع تراسيماخوس أن يفهم أي من تلك المنافع لحياة أخلاقية بما أن كل ما قام بتجربته هو ما نتج من عمل غير جيد بالحياة، ولا يمكن أن يلاحظ الضرر من فقدان تلك المنافع، بتكرار أن كل ما يعرفه، هو ما يعرفه‫. بعض الناس الذين عاشوا أخلاقيا جربوا الترف الذي يقدره الجشعين أعلى من أي شيء وهؤلاء غير الجشعين الذين جربوا الإثنين يعلمون ما هو القيّم فعلا‫. تقدير الناس على ما هم عليه يتفوق على معاملتهم كأدوات أو آلات واستخدامهم ‫” كما يستحقون‫” في كل مرة‫. لكن في النهاية ما هو قاس فعلا، أن المشكلة ليست في كيف تعيش مع الآخرين بقدر ماهي كيف تعيش مع نفسك‫. تراسيماخوس ليس لديه فهم عن السلام العقلي، الذي يأتي بعدم التستر أمام الآخرين والمؤدي للطمأنينة في الحياة ولمعنى احساسه بنفسه والتي لا تتاح لشخص يقظ ‫‫” في حذره‫” كما يكون كل جشع‫، حتى إذا أصبح الرياء ‫” طبيعة ثانية”  للجشعين ويتطلب عملا غير حقيقيا، كما رأينا، لايزال مصحوبا بنية تحفيزية تمنع الإخلاص وعدم الاحترام‫. إن عدم ملاحظة أن لدى الآخرين ‫” أكثر من  قيمة أداتية‫” أمر مضر لأن سينتهي الأمر بالمرء محروما من الشيء الوحيد الذي يجعل الحياة‫ جديرة بأن تعاش‫. هذه هي المتعة في رؤية الأشياء كما هي فعليا، العيش في العالم الحقيقي، والتفاعل المباشر مع المخلوقات الحية الأخرى، في اعتراف كامل بما هم عليه حقيقة‫، بوجود تصور حقيقي ودقيق لمكان كل فرد في العالم. وقيمة العيش بأخلاق تُكسب الشخص احتراما لقيمته الحقيقية‫.  اللا أخلاق انحطاطا مقدم للأنا‫. وختاما، الضرر الواقع من كونك لا أخلاقيا يحرم الفرد من رؤية قيمة الحياة. وإذا كان أحدهم إنسانا فإذا كان المرء إنسانا فسيحرم من رؤية قيمته الذاتية‫.

 

 

 


الملاحظات والمراجع:

1‫- أتوجه بالشكر إلى

Richard Joyce, Stephen Finlay, Donald Baxter, Michael Lynch,Diana Meyers, Joel Kupperman, Margaret Gilbert, Sonia Michel, Walter Sinnott-Armstrong,Stephen Darwall, Marvin Belzer, Sangeeta Sangha, Harvey Siegel, Michael Slote, Mitchell Joe, Glendon Good, and Paul Beatty لمساعدتهم وتشجيعهم.

2-في هذا المقال ” لما لا أكون فاسدا ؟”

 (in Moral Literacy [Indianapolis:Hackett] 1993) Colin McGinn بدأ كولين نقاشه في هذا الشأن، موحيا بأن مقولة ” الصلاح جيد‫” تكرار لا طائل منه‫. مع أنه لم يلقها صراحة بالمفهوم أعلاه، فقد ناقش هـ‫.آ بريتشارد‫ أن مسألة طلب مبررات للأخلاق تُظهر بالضرورة أن هناك من لا يعرف ماهية هذه الأخلاق،‫

(هل فلسفة الأخلاق معلقة على الخطأ؟) Mind 21 [1912]: 21–37)

‎وناقش د.ز فيلبس أيضا أننا بجب ألا نحاول إعطاء أسبابا لا أخلاقية لكوننا أخلاقيين “هل يستحق الأمر أن تكون صالحًا؟”في‫ كتاب Proceedings of the Aristotle Society [1964–65]: 45–60)

‎وانظر أيضا، جون هوسبر في كتابه Human Conduct, 3rd ed. (Fort Worth: Harcourt Brace, 1996).

‎‫وبالمقابل، انظر إسهام دايفيد شميتز في هذا الكتاب.

  1. انظر Stephen Finlay’s contribution to this volume. See also David Copp, “The Ring

of Gyges: Overridingness and the Unity of Reason,” Social Philosophy and Policy 14, no.

(1997): 86–106. ولمزيد من النقاش، انظر Michael Stocker, Plural and Confl icting Values

(Oxford: Clarendon Press, 1990). ولآراء أخرى متباينة انظر Ruth Chang, “‘All Things

Considered,’” Philosophical Perspectives 18 (2004): 1–22. أود أن أشكر روث تشانج على مناقشتها هذا الموضوع.

‎4‫- إذا قبض على شخص لكونه سيئا، إذا (بنفس المعنى) يتصرف الشخص بسوء لفساد أخلاقه. ومن الضروري أن تكون حسن الخلق عندما تكون سيئًا (بنفس هذا المعنى) لن يقبض على هذا. ” كونك سيئًا” مصطلح موفق، ويمكن أن يفسر بأن تراسيماخوس يعتقد بأن ‫” كونك سيئا” فهو‫ بهذه الطريقة. يقول” هل تفترضون أنني سأصف الشخص الذي يخطئ بأنه الطرف الأقوى عندما يخطئ؟” (الجمهورية ٣٤٠) انظر أيضا،‫ الحوار التالي بينه وبين سقراط فيما يتعلق بالأخطاء الاصطلاحية في القضاء، الطب، والرياضيات. في رأي تراسيماخوس القبض عليك لكونك فاسدا ينطوي على ارتكابك للأخطاء.

5- لاأقصد أن ألمح أن قائمة الفلاسفة المطروحة هنا تأخذ رأي تراسيماخوس وكأنها الفرضية القياسية النهائية، لكن جميع هؤلاء الفلاسفة تقبلوا هذه الفرضية. التعليقات التي تلقيتها سجلت اندهاشها بوجود إبيقور وهيوم في القائمة.  إن السابق هو الحاضر، بالنظر لاعتقاده أن الفضائل تكون قيمتها فعالة على الأرجح لما تبعثه من متعة وراحة دائمة. الرسالة التي أضمنها لأجل المقطع التالي، من Enquiry

into the Principles of Morals, sect. 3, part 1:

كان هناك نوع من المخلوقات ممتزجا مع الرجال، والتي امتلكت رغم عقلانيتها قوة سفلية، جسدية وعقلية، جعلتها قادرة على كل أشكال المقاومة، وحتى في أعلى درجات الإثارة لن تجعلنا نشعر بأثر استيائها‫. والعاقبة المنتظرة في تصوري أننا يجب أن نلتزم بالقوانين الإنسانية لتعطي عادة رقيقة لهذه المخلوقات، ولكن لا ينبغي أن تقع تحت طائلة كبح العدالة‫ المتعلقة بهم. وهم لا يملكون أي حق، أو ممتلك، فيما عدا استبداد الأرباب. ولأيمكن أن نطلق على علاقتنا معهم مجتمع، والذي يستلزم درجة من المساواة؛ ولكن سلطة مطلقة من جهة، وطاعة ذليلة من جهة أخرى. ومهما اشتهينا يجب أن يتنازلوا عنه فورا: سماحنا هو النيل الوحيد، التي يحملون بها حوائجهم، تعاطفنا ورحمتنا هي العلامة الوحيدة، التي من خلالها يكبحون جماح إرادتنا العصية، وبما أنه لم ينتج انزعاج مطلقا من ممارسة أي سلطة مترسخة في الطبيعة، فقيود العدالة والممتلكات، تصبح بلا فائدة تماما، ولن يكون لها مكان أبدا في تحالف غير متكافئ‫.

‎6 ‫- مادام تراسيماخوس لم يضع رأيه في دلالة واضحة المعاني انظر ‫(الجمهورية ٣٥٩ أ‫) بيان غالكون، حول الكيفية التي تكتسب بها المصطلحات الأخلاقية معانيها‫. مراجعة‫.. انظر أيضا نيتسة فيNietzsche’s On Genealogy of Morals (Cambridge: Cambridge University Press, 1994) المقال الأول‫.

‎7 ‫-ليس من غير الشائع أن تجد الفلاسفة يسألون أسئلة فوق أخلاقية‫ حول ماهية الأخلاق ويجيبون عليها بينما هم يوظفون نظرية قياسية معينة حول ما يُعد من الأخلاق‫ ونقيض اللاأخلاق‫، والسلوك. انظر على سبيل المثال: هـ.آ بريتشارد(هل الفلسفة الأخلاقية تتعلق بالخطأ؟) والذي يبدو أنه يفترض نظرية الواجبات الأخلاقية في مقاله لماذا لا يمكن تبرير الأخلاق‫. أو الدكتور فيليبس ‫(هل الأمر يستحق لأن تكون صالح الخلق؟‫) حيث يناقش مسألة إعطاء أسباب لاأخلاقية لكونك خلوقا‫، بافتراض أن أسباب المصلحة الشخصية ليست أخلاقية في الأساس‫. لنقاش أطول حول هذا الموضوع انظرWilliam Frankena’s “The Concept of Morality,” Journal of Philosophy 63,

  1. 21 (Nov. 10, 1966): 688–96.‫.

‎8. لست أول من أشار لهذا التباين انظر مثلا‫: William Frankena, ibid. Philippa Foot takes a similar line toward Nietzsche in the fi nal chapter of

‎9 ‫- هذا لقراءة تراسيماخوس بكونه منظما أخلاقيا مشابها لقراءته المقدمة من جوليا زناس An Introduction to Plato’s Republic (Oxford: Clarendon,1981). ‎فيليب فووت يأخذ منحى مشابها نحو نيتشه في الفصل الأخير من Natural

Goodness (Oxford: Oxford University Press, 2001).

‎10. على سبيل المثال، كتب جريجوري فلاستوز”علي أن أستخدم ‫” العدالة‫”  مجردة كمعاكس للدايكايوسين والديكايوس،

‎ والتي معناها واسع جدا، يغطي جميع السلوكيات الاجتماعية الصحيحة‫”

‎ انظر“The Argument in the Republic That ‘Justice Pays,’” Journal

of Philosophy 65, no. 21 (1968): 665–74. لنقاش أطول حول هذا الجانب انظرJulia Anna

Platonic Ethics: Old and New (Ithaca, N.Y.: Cornell University Press, 1999).

‎11. هذه قراءة ضيقة حول ‫” الأخلاق‫” والتي تكون فيها النظرية لا تعد نظرية أخلاقية، إذا كانت لاتعنى بنفسها مع مطالبات الآخرين في تحديد ماهو العامل الذي يجب العمل به‫. وأفضل من قدم هذا المعنى Robin Waterfi eld’s translation of Republic (Oxford: Oxford University Press, 1993).

فمن الأفضل ترجمة الدايكايوسين  ‫” العدالة المجردة‫” وبما أنه من الطبيعي حتى في رأي تراسيماخوس، أن معناها أوسع من العدالة بحد ذاتها‫.عادة في مثل هذه الآراء تؤخذ الأخلاق كمعارضة للمصالح الشخصية، لو افترضنا أن ‫” الحصول على المزيد‫” يأتي في المصالح الشخصية للفرد‫.في الواقع، هناك سبب للإعتقاد بأن رأي سقراط، حول الأخلاق أوسع من أن يتصل بالدايكايوسين أو ‫” التعاملات العادلة الصحيحة مع الآخرين‫” فالأخلاق بالنسبة له داخل الشخص بقدر ماهي داخله، ضبط النفس والشجاعة يمكن أن تعدّ ‫” فضائل أخلاقية‫” مثل الدايكايوسين‫. توضيح وجهة النظر أبعد من أن يسعها هذا المقال، هنا الاهتمام بأضرار رأي تراسيماخوس‫.

‎12. في كثير من المحادثات التي بحثتها حول هذا الموضوع مع الفلاسفة، أتى الحديث عن فيلم وودي آلن ‫(الجرائم والجانحين‫) ‎في الفيلم، الطبيب الجيد والمحب للخير تقتل عشيقته ولايبدو عليه التأثر بهذا الفعل المشين‫. الحجة المقدمة هنا أنشئت مع حالات كهذه في الحسبان‫.

‎13. القليل الذي تم تقديمه لايكفي‫. ‎كلا من برنارد ويليامز، وفيليب فوت ‎أنكروا أن الأفعال غير العادلة لها سبب منهجي، واتفقوا جميعها أن الشهوة والطمع يمكن أن تكون الدافع وراء التصرفات الظالمة‫. ‎وبنظرة حول هذا، يبدو من الملائم أن ننكر أن الجشع كرذيلة تتضاد مع العدالة‫. ‎رغم أنهم في كتاباتهم عن العدالة كفضيلة، كلاهما لم يذكروا أي أمر موضوعي حول الجشع‫. ‎على أي حال، أعتقد أن كليهما مخطئين باهتمامهم بدوافع معينة ‫(ويليامز ١٩٢‫) أو  “springs of action” (in Foot, 9) ‎والتي تختبىء خلف التصرفات والتصرفات غير العادلة، ولهذه الدرجة تطارد الرنجة الحمراء بدلا من معالجة الصفات الشخصية‎ الجشع يؤدي لأفعال ظالمة، رغم أن الشهوة والطمع ملهمة‫.‎دايفيد ساتش جعل بدايات الإيجابي للجشع كصفات للشخصية في “Notes on Unfairly Gaining More: Pleonexia,” in Virtues and Reasons, ed. R. Hursthouse, G. Lawrence, W. Quinn (Oxford:Clarendon, 1995). For Williams, see “Justice as a Virtue,” ‎في مقال حول أخلاقيات أرسطو ed. A. Rorty (Berkeley and Los Angeles: University of California Press, 1980); for Foot, see “Virtues and Vices,” in Virtues and Vices (Berkeley and Los Angeles: University of California Press, 1978). ‎رغم أنه لايشير إليها كجشع F. H. Bradley, في دراسته الأخلاقيه (Oxford:Oxford University Press, [1876] 1927),يبدو أنها أجرت دراسة مشابهة في تعريق “الأنانية‫”

(الرجل الطماع بطمعه لديه اعتراضات حول الرغبة التي لاتدعم أي مبدأ أعلى من متعته أو رضاه الشخصي، ولو سألت ماهي النهاية العامة التي تتضمن نهايته، قد تشير للاشيء، لكنك تعرف أنه يعامل الاعتراضات كأشياء حقيرة، لايهتم بشيء منها، لكنه مستعد للتضحية، ولو بحثت عما يشتركون فيه، ستجدهم وزراء لراحته الشخصية، هذه الراحة بكونها كمية معينة من المتعة المُرضية وغياب الألم، والتي استهدفوها بوعيهم أو استخدموها دون وعيهم كمقياس لكافة أهداف الرغبة‫.

  1. ‎تناولت الكثير من كتاب روبرت ديلون ‫”كانط حول الغطرسة واحترام الذات‫”in Setting the Moral Compass, ed. C. Calhoun ‎فيما يخص بوصلة الأخلاق إيد كالهوم (New York: Oxford University Press, 2004)191–216. See 208 of Dillon for the phrase “خداع الذات المزدوج”.

‎وأيضا وجدت هذا مساعدا في فهم الغطرسة Lewis White Beck, A Commentary on Kant’s Critiqueof Practical Reason (Chicago: University of Chicago Press, 1960) 219–22; and “Arrogance” byV. Tiberius and J. Walker in American Philosophical Quarterly 35 (1998): 379–90. Dillon’s work on arrogance is informed by Stephen Darwall’s important essay “TwoKinds of Respect” (Ethics 88, no. 1 (October 1977) 36–49). The literature on respect is quitedeep. ‎وجدته مساعدا Elizabeth Telfer’s, “Self-Respect” in Philosophical Quarterly 18 (1968):114–21. In a fashion similar to Darwall,

‎ميزت اليزابيث نوعين من احترام الذات واحد مبني على ماحققه الفرد وآخر على تصور لبعض المعايير الدنيا للإنسانية، أو اللباقة الدنيوية التي لايجب أن ينزلق لها الفرد‫. هنا أنا مهتم بهذا النموذج عن احترام الذات‫.

  1. Robert Audi, “Self-Deception, Rationalization, and the Ethics of Belief”

‎حول معرفة الأخلاق والسمات الخلقية (New York: Oxford University Press, 1997) ; see also his

“Self-Deception and Rationality” in Self-Deception and Morality, ed. Mike W. Martin

(Lawrence: University Press of Kansas, 1986). ‎استفدت لحد كبير بقراءةJoseph Butler’s “Sermon X—Upon Self-Deceit” in The Works of Bishop Butler, 2 vols. Edited by J. H.Bernard. London: MacMillan, 1900

‎16. من وجهة نظر علم النفس الأخلاقي، ربما أهم نقطة على الإطلاق أن إيمان المتغطرسين بأنهم متفوقين على الآخرين، غالبا تكون وسيلة دفاع لتعويض نقص حقيقي لمفهوم الذات‫. ونقرأ أن المتغطرسين يتصرفون هكذا، من أجل أن يدعموا شعورا ضعيفا بعدم الثقة‫. هذا أكثر مايشيع عن المتغطرسين، رغم هذا هناك بلا شك متغطرسين لأنهم يعتقدون فعليا أنهم أفضل من الآخرين‫. لمزيد من التعليقات انظر تيبيروس‫. ووالكر ‫” الغطرسة‫”

‎17. استخدم كانت العديد من الكلمات لوصف عائلة الصفات السيكولوجية وصفت تقريبا هنا بمسمى ‫” الغطرسة‫” ‫”arroganz” ‫”arrogantia”eigenliebcgen.” sellbtshatzung” لمزيد من التفاصيل انظر‎‫” كانط حول الغطرسة واحترام الذات‫”

‎18 ‫- أود أن أشكر مايكل سلوت، وسام ويلر، على مساعدتهم في التفرقة بين كيف يتصرف الجشعين نحو أنفسهم‫. وعلى الجانب الآخر، طريقة مقبولة بحيث تبرر صلاحيات العامل المرتكز على تحيز الفرد نحو الذي يهتم بهم ‫(بما في ذلك نفسه‫) ‎بالطبع هذا لايعني أن التحيز المتضمن في الغطرسة له مايبرره ‫.

‎. 19انظر على سبيل المثال Philippa Foot, “المعتقدات الأخلاقية,” (1958–59), in Virtues and Vices (Oxford: Clarendon Press, [1978] 2002): 129; Nancy Sherman, “أرسطو حول الصداقة والحياة المشتركة،” Philosophy and Phenomenological Research 47, no. 4 (1987): 589–613; Laurence Thomas, Living Morally (Philadelphia: Temple University Press), 1989. ‎مثلها وأكثر قوة ميتافيزيقيا، يمكن أن نجدها في David Brink, “حب الذات والإيثار” (Social Philosophy and Policy 14 [1997]: 122–57). i‎راز لا يعتبر استمرارية التفكير عند الناس ليست ‫” غاية لهم‫” ولايذهب للتشكيك في مفهوم الذات لشخص يحمل مثل هذه الرأي‫. وهذا بالضبط ما تطرقت له‫.

‎20. ما يعرض هنا حول ضرر اللاأخلاق يشابه لحد ما أفلاطون‫.كلاهما يأخذ ‫” التناغم نفسي‫” كمفهوم على ‫” أن كل جزء من سيكولوجية الفرد يوجد على ما يجب أن يكون‫” لكن أفلاطون يفسر التناغم النفسي كتوازن سليم فالعاطفة، والشهية والعقل، لكنها هنا تتطلب أفكار حديثة من احترام الذات، والنزاهة‫. حول المشاكل المتعلقة بتفسير أفلاطون للتناغم النفسي المتعلق بنقاشه في الجمهورية انظرsee David Sachs, “A Fallacy in the Republic” in Plato II, ed. Gregory Vlastos (Notre Dame, Ind.: University of Notre Dame Press, 1971). Vlastos responds to Sachs on this point

‎21. حجة أرسطو (concluding at Nichomachean Ethics, 1094a18–24)

eudaimonia‎هي الغاية النهائية للحياة، ربما تظهر أن الشخص يجب أن يظهر قيمة الأشياء لنفسها‫.  وبتعبير حديث، من غير المنطقي أن نعتقد أن جميع الفضائل ‫” على طول الطريق‫” ‎لمزيد من النقاش الجيد حول هذه الحجة التي دائما ما يساء فهمها ‎انظر Julia Annas’s The Morality of Happiness (Oxford: Oxford University Press, 1993) , 27–34.

  1. ‎ربما يظن أحدهم أن الجشع يرى الجشع الآخر بشكل مختلف عن الآخرين، لكن هذا غير محتمل، الجشعين يريدون أخذ أفضل ما في الجميع، حتى من بعضهم‫. سأناقش أدناه احتمالية تقييم الجشعين للجميع استنادا لامتلاك بعض الحقوق أكثر من كونهم ‫” إنسانا بحد ذاته‫”

‎ 23. والحجة هنا تحمل بعض التشابه للعديد من الحجج التي قدمها توماس نيغل ضد الأنانية‫.

‎انظر على سبيل المثال The Possibility of Altruism (Oxford: Clarendon, 1970)،

‎وأيضا مساهتمه لهذا الكتاب

‎أرى أنني أتخطى رؤية نيغل وربطه احترام الآخرين باحترام الذات، بربطي احترام الذات بالسعا

‎24- هذا لا يشير صراحة لما يطلق عليه دارويل ‫” الاحترام التقديري‫” في ‫(نوعين من الاحترام‫)، بما أنه يرى هذا الشكل من الاحترام يتطلب أن يؤخذ بالحسبان في التشاورات‫. هنا أترك الباب مفتوحا لأدنى احتمالية بوجود قدرة على ملاحظة الآخرين كـ ‫” أشخاص بحد ذاتهم‫” بينما يفشلون باعتبارهم في التشاورات‫.

‎25. هذا المسمى من تيلفار “Self-Respect.”

  1. Insofar as this is the case, the account given here about the harms of immorality is intended to be metaethically neutral.

‎اعتبر أن ملاحظة وكشف هؤلاء البشر وأنهم أكثر من قيمة فعالة، يرقى للاختلاف بين الواقعي وغير الواقعي لفلسفة الأخلاق‫. وها أنا أفعل ما بوسعي لبناء حجة تكون مقبولة، للواقعيين، ولنقل التعبيريين، وبقدر ماتٌرى الحالة، المقصود بالضرر الناتج عن اللاأخلاقية يميل لأن يكون محايدا أخلاقيا‫.

 For more on this point, see Richard Joyce, review of Moral Reality,” by Paul Bloomfi eld, Mind 112 (2003) p. 94–99.

‎27. كنت مدفوعا لصياغة الحجة في هذه الفقرة نتيجة لتصريحات والتر سينوت-ارمسترونغ على مسودة سابقة من هذا المقال.‎ وأنا ممتن لتشجيعه. وسوف أواصل صياغتها الآن الحجة بمخطوطة عنوانها “أضرار الفجور.”

‎هذه الحجة لها ثلاثة افتراضات القصد بها أن تكون مقبولة لجميع الأطراف في النقاش: (1) نظرية تجعل من المستحيل للشخص أن يكون سعيدا، نظرية سيئة، ضارة، هازمة لذاته، من حيث العيش. (2) من المستحيل لأي شخص أن يكون سعيدا دون احترام الذات. (3) إذا لم تحترم أحدما، ستفتقر إلى احترامك لذاتك‫. وله ثلاث فرضيات: (أ) عوامل الأخلاق الفردية لديها هويات ما يفعلون (هم على ما هم عليه) لأن كل تجسيد هو مجموعة فريدة من الخصائص، رغم أن بعض هذه الخصائص تجسدت بأكثر من عامل أخلاقي؛ (ب) إذا أضرّ س بصورة غير أخلاقية ص، فإذا س يزدري ص. و (ج) عندما يزدري س ص، فالخاصية التي تجعل س على ماهو عليه أو عليها، هي التي تجعل من ص على ماهو عليه أيضا‫. (كما هو موضح في [أ])، إذا س لا يحترم ذاته أو ذاتها. وبالنظر لهذه الافتراضات، فالخلاصة مفادها أن االلا أخلاقية تمنع السعادة‫.

  1. I’d like to thank Sonia Michel and Don Baxter for discussion on this issue

29 ‫- قراءتي لأرسطو في هذه النقطة من Myles Burnyeat’s “Aristotle on

Learning to Be Good,” مقالات حول أخلاقيات أرسطو‫.  ed. Amelie Rorty (Berkeley and Los

Angeles: University of California Press, 1980), 69–92.

  1. Michael Stocker, “The Schizophrenia of Modern Ethical Theories” Journal of Philosophy73 (1976): 453–66.31

31- هذه ” النقطة من المنظور الدفاعي” نوقشت وانتقدت من قبل كل من

John McDowell in

“The Role of Eudaimonia in Aristotle’s Ethics,” reprinted in Essays on Aristotle’s Ethics, and by Stephen Gardiner in “Aristotle, Egoism and the Virtuous Person’s Point of View,” in Power and Pleasure, Virtues and Vices: Essays in Ancient Moral Philosophy, ed. D. Baltzly, D. Blyth, H. Tarrant (June 2001): 243–65.