مجلة حكمة
الصورة النمطية الصورة النمطية الصورة النمطية الصورة النمطية الصورة النمطية

الوقاية من تحيّز الصورة النمطية – إد يونغ / ترجمة: محمد الرشودي

ترجمة: محمد الرشودي
ترجمة: محمد الرشودي الصورة النمطية

حتى الإلماح الخفي بـ التحيّز ضد جنس، أو عرق، أو دين معين يمكن أن يؤدي إلى كبح فعالية الفرد في المدرسة، والعمل، والألعاب الرياضية. هذا وقد وجد الباحثون طرقًا جديدة لقلب هذا التأثير أو منعه.


حصل نيل ديغراس تايسون -محاور العلوم الشهير- على درجة الدكتوراه في الفيزياء الفلكية من جامعة كولومبيا عام 1991. تملك الولايات المتحدة الأمريكية حاليًا قرابة 4,000  عالم متخصص في الفيزياء الفلكية يقطنون حاليًا، وتايسون هو سابع أسود فقط في مجاله. ففي خطابه في أحد الاجتماعات، تحدث بشفافية عن التحديات التي واجهها. يقول تايسون:

في تصور المجتمع … فشلي الأكاديمي أمر متوقع، بينما نجاحي يعُزى به الفضل للآخرين. لقد أمضيت معظم حياتي أقاوم هذه التصورات، ما كلفني ضريبة وجدانية، أشبه بالخصي الفكري. هي ضريبة لا أرجوها حتى لأعدائي.

       022كلمات تايسون تضرب على أوتار حقيقةٍ مجملة، وهي أن الصور النمطية السلبية تفرض عبئًا فكريًا على الكثير من الأقليات، وغيرهم من المجموعات الأخرى، الذين يظنون أن الناس من حولهم يحطّون من قدرهم بطريقة ما. ففي كثير من الحالات المتفرقة، سواءً كانت في المدرسة، أم العمل، أو في الملاعب الرياضية، يغشى هؤلاء القلق من الفشل بطريقة تعزز من مصداقية الانتقاص في الصور النمطية. فالرياضي الأبيض الشاب [في الولايات المتحدة] مثلاً يخشى أن فعاليته لن تكون بذات جودة نظيره الأسود. وكذلك تقلق النساء في صفوف الرياضيات المتقدمة من تحصلهن على درجة أقل الرجال. يُعرف هذا النوع من القلق، والذي سماه تايسون بـ “الضريبة الوجدانية”، بتهديد الصورة النمطية[2]. فقد أكدّت مئات الدراسات أن تهديد الصورة النمطية يقوّض من الفعالية، وينتج ذات الفشل المخشي حدوثه. يقع الناس أحيانًا ضحية في دائرة مفرغة، بحيث أن الفعالية الباهتة تقودهم إلى مزيد من القلق، والذي بدوره يقود فعاليتهم إلى مزيد من الخبوت.

       لقد طور علماء النفس مؤخرًا، وإلى حد كبير، مفهومهم عن مدى تأثير تهديد الصورة النمطية في الفرد، وسبب حدوثه، وأكثر أهمية من كل ذلك، عن كيفية منعه. هذا ورغم أن التأثير حقيقي، إلا أن الباحثين يتساءلون إلى أي مدى تعكس هذه التجارب المخبرية القلق في ظروف ومحيط الواقع. وقد أشار الباحثون إلى أن التأثير يعد أحد العوامل التي ساهمت في اللامساواة الاجتماعية والأكاديمية. ومع ذلك، هو أحد العوامل التي يمكن تغييرها بيسر! ففي دراسات أُجريت في مدارس قائمة، حققت مداخلات بسيطة نسبيًا -كتمرين كتابي لتعزيز احترام الذات، يُنجز في أقل من ساعة- أثرًا دراماتيكيًا طويل الأمد، وقلّص فجوة النجاح، ونفث تهديد الصورة النمطية خارج عقول الطلبة وفصولهم الدراسية. بعض المعلمين منشغلين بطرق لتصعيد هذا النوع من المداخلات للبرامج التعليمية على الصعيد الوطني.

تمييز التهديد

سكّ عالما النفس في ستانفورد، كلود ستيل وجوشوا أندرسون، مصطلح “تهديد الصورة النمطية” عام 1995. وكان حال الطلاب السود حينها في أمريكا كما هو الآن، فمتوسط تحصليهم الدراسي أسوأ من أقرانهم، وهم أكثر عرضة للانسحاب المبكر في سائر المستويات التعليمية. مختلف الشروحات لهذه الفجوة تتضمّن فكرة خبيثة، وهي أن الطلاب السود أقل إدراكًا بالفطرة. لم تُقنع هذه الشروح كلاً من ستيل وأندرسون. بل جادلا أن مجرد حضور الصور النمطية السلبية قد يؤثر سلبًا على مستوى فعالية الطالب.

       في تجربة كلاسيكية، قدّم ستيل وأندرسون امتحانًا صعبًا لأكثر من مئة طالب جامعي. كان الأداء بالمناصفة جيدًا بين الطلاب السود والبيض الذين تحصلوا على درجات متقاربة باختبار القياس[3] عندما أُعلموا أن الامتحان ليس لقياس قدراتهم. لكن عندما أخبر ستيل وأندرسون الطلاب أن الامتحان هذه المرة سيقيس قدراتهم العقلية، انحدرت درجات الطلاب السود بينما لم تتأثر درجات أقرانهم البيض. وكذلك مجرد إعلام الرياضيين بتصوير سباقهم سلفًا له ذات التأثير.

       هذه الدراسة كانت رائدة في مجالها. فلقد أظهر لنا كل من ستيل وأندرسون أن “اختبارات القياس” هي أبعد ما تكون عن القياس، فهي تُقدّم بطريقة تستحضر تهديد الصورة النمطية، ولو كان بشكل خفي، فإنها، وبشكل آلي، تضع عائقًا أمام بعض الطلاب. يقول أندرسون:

“الكثير من الشك جال في خاطري بادئ الأمر، لكنه تضائل مع الوقت. ففي البداية، حتى أنا لم أستطع استيعاب شدة التأثير. اعتقدت حينها أنه يجب على أحد سواي تكرار التجربة.”

       وفعلاً كرر الكثير من الباحثين ذات التجربة. وإلى اليوم، انتهت مئات الدراسات إلى أدلة تثبت تهديد الصورة النمطية في سلوكيات كل مجموعة. فالتهديد أقرب ما يكون إلى الطلاب من عوائل فقيرة في الاختبارات الأكاديمية، وإلى الرجال في المهمات ذات الحساسية الاجتماعية. ويعاني منها أيضًا الطلاب البيض حينما يتنافسون مع أقرانهم الآسيويين في اختبارات الرياضيات، أو ضد أقرانهم السود في الرياضة. وتشير كثير من هذه الدراسات إلى أن أكثر الطلبة جَلَدًا هو من يعاني أقسى النكسات. فالأفراد الذين يُبنى عليهم الكثير من الأمل لتحقيق النجاح، هم أكثر عرضة للارتباك من الصورة النمطية السلبية، وغالبًا ما تقل فعاليتهم نتيجةً لذلك. لا يمكن اختصار وصف تهديد الصورة النمطية إلا بـ “شر البلية ما يضحك.”

       ولكنه يبقى قياس مدى انتشار تهديد الصورة النمطية في ظروف العالم الواقعي أمرًا مبهمًا. وهذا، إلى حد كبير، يعود إلى أن الدراسات المتعلقة بالسيكولوجيا الاجتماعية تواجه ذات المعضلات التي تعكر صفو مخرجاتها، فجلّها يُقام بناءً على أعداد قليلة -والذي يزيد بدوره من معدل الخطأ لإحصائي- وليست كلها تنتهي إلى درجات متقاربة لتأثير التهديد. يشير بعض النقّاد إلى أن التجارب المخبرية بديل رديء للعالم الواقعي. فقد جادل بول ساكيت -من جامعة مينيسوتا- أن تهديد الصورة النمطية في العالم الواقعي يمكن أن يكون أقل انتشارًا وقوة. في السنة الماضية، فحص كل من جيسبرت ستويت -حين كان في جامعة ليدز في إنجلترا- وديفيد قيري -من جامعة ميسوري- كل دراسةٍ بحثت في تهديد الصورة النمطية على النساء اللاتي اختبرن الرياضيات -ذات الظاهرة التي عاينها ستيل وزملاؤه عام 1999. من بين 20 دراسة كررت تجربة 1999، انتهى 11 منها فقط إلى أن فعالية النساء كانت أسوأ من الرجال. قيري ليس بصدد إسقاط تهديد الصورة النمطية بالكلية، لكنه يعتقد أنه ليس بذات القوة التي تصورناها حينًا من الزمن.

       كانت آن ماري راين -من جامعة ولاية ميشيغان- قد حددت بعض الأسباب المعتبرة لهذه النتائج المتعارضة. ففي عام 2008، قارنت مع زميلتها هاناهان نغوين -من جامعة ولاية كاليفورنيا حينها- 76 دراسة مختلفة حول تهديد الصورة النمطية على طلاب المدارس الثانوية والبكالوريوس. وقد لاحظتا أن العلماء في المختبر قادرون على استشعار التهديد وفق ظروف معينة، عندما يتعاملون مثلاً مع أناس ينتمون بقوة لهوياتهم الاجتماعية، أو عندما يمنحون المتطوعين اختبارًا صعبًا على وجه الخصوص.

       انتقل علماء النفس في العقد الماضي من إثبات وجود تهديد الصورة النمطية إلى محاولة فهم آليته. وقد أظهر الباحثون أن التهديد يعمل وفق آلية ثابتة على مختلف المجموعات، فعندما يتمكن القلق، يسقط الحافز، ثم يذبل الأمل. بناءً على ما سبق، خمّنت توني شميدر -من جامعة كولومبيا البريطانية- أن التهديد مجرد سطح لشيء أكثر عمقًا. والمتهم الرئيسي هنا هو الذاكرة العاملة[4]، بصفتها مجموعة من المهارات الفكرية التي تتيح لنا الاحتفاظ والتلاعب مؤقتًا بالمعلومات في عقولنا. إن منظومة المهارات هذه ذات مصدر محدود، ولتهديد الصورة النمطية القدرة على استنزافه. قد ينزع الأفراد إلى إجهاد ذواتهم نفسيًا إذا ما وضعوا تحيزات الناس من حولهم نصب أعينهم، وفكروا في طريقة لإثبات أن هذه التحيزات خاطئة. ولاختبار هذه الفرضية، أعطت شميدر امتحانًا صعبًا على الذاكرة العاملة لـ 75 متطوعًا، يتطلب الامتحان حفظ قائمة من الكلمات وحل مسائل رياضية بذات الوقت. لقد أخبرت شميدر بعض المتطوعين أن هذ الامتحان سيكون مقياسًا لمهارات ذاكرتهم، وأعلمتهم أنه قد توجد فوارق فطرية في القدرات بين الرجال والنساء. وبالطبع، النساء اللاتي أُخبرن بهذه الفوارق المفترضة، حفظن عددًا أقل من الكلمات، بينما زملائهن الذكور لم يعانوا من هذه المشكلة.

       هذا الاستنزاف للذاكرة العاملة صنع مجموعة من العثرات والعقبات للنجاح. فالناس يجنحون إلى الإغراق في التفكير في أفعالهم، والتي قد تكون، من زاوية أخرى، تلقائية، ويصبحون أكثر حساسية للتلميحات التي قد تشير إلى التحيز. فقد يُساء فهم تعبير غامض، ويُظن أن فيه استنقاصًا من قدر الفرد. بل إن قلق الفرد الذاتي حتى، يمكن أن يكون علامة للفشل الوشيك. إن عقولنا تجول في رحاب واسعة، وتضعف معها السيطرة على ذواتنا. عندما أوقفت شميدر النساء في منتصف امتحان الرياضيات، وسألتهن عما يجول في أذهانهن، بدى لها وكأن النساء اللاتي كنّ تحت تأثير تهديد الصورة النمطية مستغرقات في أحلام اليقظة.

التخلص من الصور النمطية

تقول آخر المستجدات أن الباحثين نقلوا دراسة تهديد الصورة النمطية من المختبر إلى المدارس وقاعات المحاضرات، في محاولة لإزالة أو منع التهديد بالكلية. تقول شميدر:

“توجد ثلاث موجات للبحث في هذا الصدد. تتعلق الموجة الأولى بتعيين الظاهرة ومداها. وبحثت الثانية عن آلية التأثير والمجموعة أو المجموعات التي يطالها التأثير. أما الموجة الثالثة، فهي الآن تترجم هذه النتائج والمخرجات للتحكم بها.”

       لقد حقق جيفري كوهن -من جامعة ستانفورد- نتائجًا مثيرة للإعجاب بطريقته جذابة وسهلة، فلقد سأل الناس بأن يتأملوا أي الشيئين أهم لديهم: الشهرة أم الكفاءة الموسيقية، ثم سألهم أن يكتبوا تعليلاً لاختيارهم. عمل هذا التمرين ذو الـ 15 دقيقة كما اللقاح الذهني الذي عزز من ثقة الطلاب بأنفسهم، وساعدهم على مواجهة تهديد الصورة النمطية في المستقبل.

        في عام 2003، زار كوهن مدارس متنوعة عرقيًا للمرحلة المتوسطة في كاليفورنيا، وقام بتجربة تمرينه على عينات عشوائية. وجرت التجربة وفق المعايير ذهبية في مجال الطب، حيث يُفحص ما إذا كان العلاج يعمل أم لا بوضعه مع علاج وهمي. أشرف كوهن على تمرينه مع طلاب الأول المتوسط، فنصفهم كتب عن قيمهم، والنصف الآخر كتب عن أشياء لا يهتمون بها. التجربة كانت مزدوجة التعمية[5]، بمعنى أن كلاً من كوهن والطلاب لم يكونوا على دراية إلى أي مجموعة ينتمي كل فرد فيهم.

       عند نهاية الترم، سد الطلاب السود الذين أتموا التمرين 40% من فجوة المستوى الأكاديمي بينهم وبين أقرانهم البيض. وكان الطلاب في القاع أكثر المستفيدين. على مدى سنتين، أخذ ذات الطلاب نسختين أو ثلاث محسنات من التمرين الأصلي، 5% من الطلاب المتدهورين فقط، والذين كتبوا عن قيمهم، انتهوا إلى دروس التقوية أو أعادوا السنة، مقابل 18% من الجماعة الضابطة. في المحصلة النهائية، ارتفع متوسط المعدل الدراسي للطلاب السود 0.25 نقطة، بينما ارتفع من في القاع منهم 0.40 نقطة.

       بعض الكسور هنا وهناك والتي لا يبدو أنها تشير إلى تطور كبير، ومع ذلك، فإن تغيّرات طفيفة في مستوى الثقة بالنفس -سواءً كانت سلبية أم إيجابية- لها أثر تراكمي. إن لدى الأطفال الذين يتعثرون في مستهل حياتهم الدراسية قابلية سريعة لفقدان الثقة بأنفسهم، أو فقدان عناية مدرّسيهم بهم. والعكس بالعكس، فإن علامات التطور، ولو كانت بسيطة، تحفز لنجاح أكبر بكثير. يصر كوهن أن التدخل المبكر يمكّن المعلمين من تحويل نقطة ضعف الطلاب إلى مصدر قوة.

       مهمة كوهن كانت في غاية السهولة لدرجة أن راين ومعها آخرين لم يقتنعوا كليًا بنتائجه. يقول كوهن: “إنه من الصعب تصديق ما انتهينا إليه، ولكننا مازلنا نكرر التجربة منذ ذلك الحين.” ففي خلال السنين الخمسة الماضية، نجح كوهن في تحسين حظوظ الطلاب السود في ثلاثة مدارس متوسطة، وأغلق إلى حد كبير الفارق بين الجنسين في دروس الفيزياء على المستوى الجامعي. بعض المشككين لازالوا يأملون بأن يختبر باحثون مستقلون ما خلصت إليه هذ الدراسات.

       في هذه الأثناء، يسعى كوهن إلى إيجاد طرق جديدة تساعد الطلبة. فلقد تعاون مع جريج والتون -من جامعة ستانفورد- لمواجهة نوع من أنواع الانعزال، والذي غالبًا ما يغذيه تهديد الصورة النمطية. الكثير من الأقليات يخشون من أنهم لن يتلقوا استحسان أقرانهم في المجال الأكاديمي. تحدى والتون هذه الخواطر بمسح إحصائي، واستشهادات من قبل طلاب أكبر سنًا تُظهر أن هذه الخواطر شائعة بين الجميع، بصرف النظر عن العِرق، وأن الوقت كفيل بعلاجها. يقول والتون: “لقد جعلناهم يعيدون صياغة تجاربهم من خلال عدسة أخرى بدلاً من عدسة العِرق.”

        اختبر والتون وكوهن تمرينهم الطويل مع طلاب جامعيين مستجدين في ترم الربيع. بعد ثلاثة سنين، تخرج ذات الطلاب، وكانت الفجوة بين الطلاب السود والبيض قد تقلصت إلى النصف. وكذلك كان الطلاب السود أكثر سعادة وصحة من أقرانهم الذين لم يشملهم تمرين والتون. خلال السنتين الماضيتين، زار والتون وكوهن دكتورًا بضع مرات. أدرك والتون أن تمرينًا سهلاً كهذا قد يبدو بلا أهمية لغير المتخصص. لكن، يقول والتون: “بالنسبة للطلاب الذين يجهدهم هاجس الاندماج الاجتماعي، فإن مجرد العلم بأن هذه الهواجس مشتركة ومؤقته له تأثير قوي جدًا في الواقع.”

يمكن للقلق من الاندماج الاجتماعي لبعض طلبة الأقليات أن يؤثر سلبًا على مستوى الطالب في الجامعة. في دراسة واحدة فقط، قرأ المستجدون من الأوروبيين-الأمريكيين والأفريقيين-الأمريكيين دراسات استقصائية تؤكد على أن الجميع يشعر بالقلق من الاندماج الاجتماعي، ولكنه يؤول إلى الزوال مع مرور الوقت. فمن خلال تعزيز الشعور بالانتماء، سدّ التمرين البسيط الفجوة الأكاديمية بين المجموعتين بنسبة 79% خلال الثلاثة سنين المقبلة.

011

       يقوم كوهن ووالتون الآن بتصعيد تمرينهم السهل والمكثف من مدارس محدودة ليشمل كامل أمريكا. أنشأ الثنائي -ومعهم كارول دويك وديف باونسيكو، كلاهما من جامعة ستانفورد- (مشروع للبحث الأكاديمي للقياس)[6] والذي يتيح لهم إدارة تمرينهم بسرعة عن طريق الانترنت. ويستطيعون أيضًا دمج البرنامجين، أو فصلهما ليروا أي طريقة هي الأجدى.

       حتى ولو كانت هذه البرامج تعمل كما هو مخطط لها، فإن الباحثين الذين يدرسون تهديد الصورة النمطية يقرّون أن الخلاص منه ليس ترياقًا للامساواة. فقد اختبر كوهن، مثلاً، تمرينه في مدارس مختلطة إثنيًا فقط، وهو غير واثق إذا ما كان تمرينه سيترك ذات التأثير في مدارس غالب طلابها من الأقليات. يضيف والتون:

“توجد الكثير من الأسباب التي تشرح سبب وجود فجوة في مستوى النجاح بين الطلاب، كاللامساواة في المصادر، والذي يؤدي إلى مدارس ذات جودة أقل، ومدرسين أقل خبرة. لا يبدو أن هنالك الكثير من الأمل في معالجة هذه الحواجز الهيكلية. وهذا ما يجعل تهديد الصورة النمطية مثيرًا، فإنه باستطاعتنا أن نخطو به خطوةً إلى الأمام عكس باقي الأسباب.”

       البحوث المتأخرة حول هذه الظاهرة لا تبعث أملاً معقولاً لتخيف حدّة بعض المشاكل المضنية فحسب، بل إنها تضع، إلى جانب هذا، معتقدًا شائعًا على الهامش. فمن خلال التصدي لتهديد الصورة النمطية، وجد الباحثون أن الصور النمطية ذاتها لا أساس لها من الصحة. فالفجوة بين الطلاب السود والبيض، أو بين العلماء الذكور والإناث، لا تشير إلى اختلاف في القدرات، بل هي تشير بالأحرى إلى انحياز يمكن تغييره. يقول أرونسون: “يبدو أن الأشياء التي اعتقدنا أن السيطرة عليها قبل 15 سنة أمر في غاية الصعوبة لم تكن كذلك، وهذه رسالة إيجابية جدًا.”

المصدر


[1] Ed Young, “Armor against Prejudice,” Scientific American (June, 2013).

[2] Stereotype Threat.

[3] SAT

[4] Working memory.

[5] Double-Blinded.

[6] Project for Education Research That Scales.